تشريعيات 2017.. بين صراع القوائم وصمت الصناديق وصولا لخيبة النتائج !

بإعلان المجلس الدستوري عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي قاربت فيها نسبة المشاركة 35 بالمائة، والكشف عن حصة  كل حزب سياسي من مقاعد المجلس الشعبي الوطني تكون الجزائر قد طوت صفحة انتخابات تشريعية مختلفة عن سابقاتها، على الأقل من حيث نسبة المشاركة التي تعتبر الأضعف من نوعها. وهو الذي دفع بمراقبون للتساؤل بعد مرور المرحلة الأولى من عمر هذه الانتخابات، أي مصداقية للمجلس الشعبي القادم ؟ هل سيتقبل الشعب كل  القوانين التي سيصادق عليها البرلمان بغرفتيه وهو الذي يعتبر  أن هؤلاء النواب لا يمثلونه بكل بساطة. قبل التفصيل في نتائج المجلس الدستوري والتدقيق في أرقامها، كان لزاما العودة إلى المرحلة الأولى من مسار تشريعيات الرابع ماي، أي تاريخ  الكشف عن القوائم الانتخابية التي كان مخاضها عسيرا وكادت أن تنحرف فيها الأمور  بخروج الغاضبين إلى الشوارع  مع تسجيل  جرحى وقتيل والحديث هنا عن حزب جبهة التحرير الوطني، الذي " إنتفضت " قواعده احتجاجا على مرشحي الحزب، وكادت أن تعصف برأس الأمين العام للحزب جمال ولد عباس، لكنه خرج ولسان حاله يقول.." أنا من أعد القوائم وأتحمل مسؤلياتي الكاملة".. !!  الحملة الإنتخابية ..وقود التصريحات تشتعل دخلت جل الأحزاب الحملة الانتخابية  وهدفها حصد أكبر قدر من المقاعد، فسارعت  قياداتها للانتشار في 48 ولاية لاقناع الناخبين العازفين عن السياسية والكارهين لكل ماله علاقه بها. لكن الحملة لم تكن أقل "تعاسة" من مرحلة الإعلان عن القوائم الانتخابية، وأثارت تصريحات الأمين العام للارندي أحمد أويحيى، الحيرة بتقمصه دور المسؤول الاجتماعي الذي يرغب في رفع سقف الاستفادة من "سكنات "السوسيال" والمنتقد لقرارات الحكومة التقشفية ، بل ذهب أبعد من ذلك بمطالبته العودة إلى تنفيذ عقوبة الإعدام..في ذلك الوقت كان جمال ولد عباس، يرافع للأفلان بخطاب وصف بـ"الاستفزازي" فكان يقول تارة إن  حزبه العمود الفقري للدولة وتارة أخرى بأنه سيحكم البلاد لـ 100 سنة أخرى ومرات عديدة يُطنب في الحديث عن محاولة إعدامه من قبل المستعمر الفرنسي ... في تلك الأثناء كانت الأحزاب الإسلامية المنتشية بتحالفاتها تحسب خطواتها وخطاباها، وكلها أمل أن تنافس أحزاب الأغلبية على المراتب الأولى في المجلس الشعبي الوطني...كما كانت الحكومة تتحرك في كل الاتجاهات وصنعت زيارات عبد المالك سلال إلى ست ولايات الحدث، وقيل أنها محاولة للترويج لحزبه الآفلان وكسر شوكة الأحزاب الأخرى في عز الحملة الانتخابية. كل هذا حدث وسط عزوف رهيب سكن الشارع الجزائري الذي نفّرته تلك الخطابات الانتخابية أكثر مما حببته في التوجه إلى صناديق الاقتراع.. رغم تجنيد الأئمة والمساجد وحتى الزوايا لدعوة الجزائريين للتصويت في الانتخابات للحفاظ على مكتسبات الأمن والاستقرار. دعوات المقاطعة تكسر الصمت الانتخابي مرت الحملة الانتخابية ودخلت الأحزاب مرحلة الصمت الانتخابي، لكن  صوت دعوات المقاطعة  علا بخروج  شباب  بفيديوهات بثت على مواقع التواصل الاجتماعي أبرزها "منسوطيش" و"رسالة إلى برلمانيين" تدعو لمقاطعة تشريعيات الرابع ماي.. لكن الحكومة عبرت عن إنزعاجها حيث سارع وزير الشؤون الدينية لمهاجمة أصحابها قبل أن يهون وزير الداخلية من تأثيرها على مجريات الانتخابات. خيبة النتائج وحزب الممتنعين يتفوق مرّ يوم الرابع ماي .. ووجهت الأحزاب أنظارها صوب قصر المؤتمرات غرب العاصمة أين كان وزير الداخلية يعقد ندوته الصحفية، لكن النتائج  المعلن عنها لم ترض  قادة الأحزاب في مقدمتها الآفلان الذي خسر أزيد من 60 مقعدا مقارنة بنتائج  تشريعيات 2012 فيما إتهمت أحزاب أخرى بما فيها العمال وحمس الإدارة بالتزوير وسرقة مقاعدهم من قبل حزبا السلطة، لكن الحزب الوحيد الذي عبر عن رضاه الأرندي بتحصله على 100 مقعد...ولعل المفاجأة الأكبر في النتائج المعلن عنها عدد الأصوات الملغاة التي قارب مليوني صوت. انقضت مرحلة النتائج التي بات يعرفها الجميع ..وبدأ مخاض الحكومة العسير بإنطلاق مشاورات " الإستوزار"،  لكن المؤكد أن التاريخ السياسي الجزائري سيسجل لا محال  أن تشريعيات 2017  ليست شبيه بتلك الاستحقاقات التي نظمتها الجزائر من قبل. نادية.ب

من نفس القسم - سيـاســة وأراء -