الإشاعة في الجزائر.. "تُحيّ وتميّت"

ليست المرة الأولى التي يتداول فيها نبأ وفاة رئيس أو شخصية سياسية كانت أم فنية، لكن غالبا ما يتبين أنها كانت مجرد إشاعة تصنع الجدل ليس إلا. تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الأخيرة بقوة خبر رحيل الرئيس الجزائري الأسبق اليامين زروال، وانساق وراء هذا الخبر العديد من النواب والنقابين الذين سارعوا لنشره على جدرانهم الفايسبوكية دون التحقق من صحته، لكن سرعان ما نفت عائلته ذلك وأكدت أنها مجرد إشاعة. وقد تعتبر هذه الإشاعة المغرضة واحدة من بين مئات الإشاعات التي يتم إطلاقها بصورة مرعبة  وسط المجتمع، والتي باتت لا تقتصر على نشر خبر وفاة فنانين كما كان سابقا، والأمثلة في ذلك كثيرة، كما حصل مع الممثلة القديرة فريدة سابونجي التي قيل مؤخرا أنها توفيت قبل أن تؤكد شخصيا أنها حية ترزق وبصدد التحضير لأعمال فنية جديدة، لكن الإشاعة تعدت حدود الشخصيات الفنية والمسرحية وصعدت إلى أعلى هرم السلطة، وأضحى الترويج لإشاعة "موت"  رئيس حكومة أو رئيس للجمهورية أمرا عاديا غير مثير للحرج. ولعل الجميع يذّكر إشاعة وفاة الرئيس  بوتفليقة، التي تم تداولها على نطاق واسع، قبل أن يخرج الرئيس على شاشة التلفزيون العمومي، ويتبين في الأخير أن الإشاعات كان وراءها مواقع مغربية مغرضة. الإشاعات لم تعد تحي وتميت السياسين والشخصيات المعروفة  بل مست حتى الحياة اليومية للمواطنين، والكثير تفاعل مع إشاعة الزيادات في الكهرباء والغاز والمواد الاستهلاكية، وزيادات في دمغة جواز السفر أربعة ملايين سنتيم رغم أن قانون المالية لسنة 2017 لم يحمل مادة قانونية تنص على ذلك، ورغم نفي الخبر من قبل الصحافة لكن الشارع تجاوب مع الإشاعة بدليل الطوابير الطويلة التي شهدتها بلديات الوطن نهاية سنة 2016 لاستخراج  جواز سفر تفاديا للزيادات المزعومة في الدمغة. وإن كانت الإشاعات ظاهرة منتشرة في كل العالم، وليست خاصية جزائرية وإن تراوحت بين الدوافع المغرضة وحب التسلية والاستهتار إلا أنها باتت تشغل عقول الناس وتحولت إلى حرب نفسية فتاكة في غياب ثقافة اتصال مؤسساتي. ويرى خبراء الاجتماع أن الإشاعة خطر يترصد بالنسق العام للمجتمعات فزيادة على إثارتها للمشاكل،  فمن شأنها إرباك أفراد المجتمع وتضليل الرأي العام وعليه فإنه يتوجب على المسؤولين حفظ مقولة :" الكثير من المعلومات الدقيقة يعني القليل من الإشاعة".

من نفس القسم - صحة وعلوم -