بوشوارب ..من منقّذ للصناعة إلى شيطان يُرجّم !

الجزائر/ نادية.ب ظل وزير الصناعة والمناجم السابق، عبد السلام بوشوارب ، الرجل القوي في حكومة عبد المالك سلال، فجال وصال في ولايات الوطن، وإلتقى بنظرائه من كبار الدول، وروج لنفسه كمنقذ للصناعة الجزائرية، منذ تعينه يوم 29 أفريل 2014، لكن شهرة بوشوارب كوزير يتخذ قرارات مخالفة في كثير من الأحيان لتوجهات الحكومة، جعلت الكثير يتساءل وقتها، عمن يقف وراء بقائه في الحكومة، أسئلة لم تجد أجوبة، إلى غاية 25 جوان الفارط عندما إنقلبت الأمور  تماما على الوزير..فماذا حصل ياترى؟ عندما إستُدعيّ عبد السلام بوشوارب، لحمل حقيبة وزارة الصناعة في حكومة عبد المالك سلال الثالثة، لم يتفاجئ كثيرون من هذا القرار على إعتبار أن الرجل سبق له وأن شغل نفس المنصب في  طاقم  أحمد أويحيى، سنة 1996،  عندما كانت الجزائر تعاني وضعا أمنيا خطيرا بسبب الإرهاب ، ووضعا إقتصاديا كارثي أفرزه انخفاض برميل النفط في تلك الفترة (1995 - 1998). تغيرت المعطيات في البلاد، وجاء تعين بوشوارب على رأس وزارة الصناعة في 29 أفريل 2014، مغايرا تماما للظروف التي كانت في التسعينات، حيث تعيش الجزائر وضعا أمنيا مستقرا، وبحبوحة مالية لم تعشها من قبل أين تعدى سعر برميل النفط حدود 100 دولار للبرميل. مؤشرات إقتصادية كانت في صالح تطوير الصناعة والنهوض بها وإعادة بعث المصانع التي غلقت أبوابها سنوات التسعينات. ولأن كل الظروف كانت مهيئة لرفع نسبة النمو والدفع بعجلة هذا القطاع ، تحول بوشوارب إلى "الرجل القوي" في حكومة سلال، وكانت كل الأعين موجهة إليه، فعمد على لقاء أكبر الصناعين في العالم، ألمانيا، الصين، أمريكا، بريطانيا، فرنسا، وغيرها من الدول، وعقب كل لقاء ثنائي، يصرح :" أبرمنا إتفاقية مع هذا البلد،  وعليكم التفاءل لأننا سنؤسس لثورة صناعية  في الجزائر" ! . ظلت تصريحات بوشوارب متشابهة في مضمونها لكن الواقع كان مخالفا تماما، فلا مصنع أعاد فتح أبوابه أمام العمال، ولا صناعات تحويلية وجدت طريقها للتجسيد، بل الوضع ظل مأساويا أكثر، وفشل الوزير في إعادة بعث مصنع الحجار بعنابة. الإنتقادات تحاصر بوشوارب إستمر بوشوراب على رأس وزارة الصناعة رغم  الإنتقادات التي وجهت له، على رأسها تلك العلاقات التي كان ينسجها مع سفراء في الجزائر، والتي كان التفضيل فيها دائما لصالح الشريك الفرنسي، في منح الصفقات والمشاريع، وحماية مصالحه في الجزائر دون أن يعلم السبب. كما شكلت علاقته مع رجال الأعمال، علي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات نقطة إستفهام كبيرة أيضا. الإنتقادات تحولت إلى إتهامات جعلت الجميع يتساءل كيف، لماذا وماذا بعد ؟. الأمر ليس بالهين عندما يُتهم بوشوارب بـ"الحركي" تحت قبة البرلمان، ويدرج إسمه في وثائق "بنما بيبرز"،  فكيف وصلنا إلى هذا الحد؟ تلك الإتهامات سقطت في الماء، وارتفعت نبرة تصريحات بوشوارب مجددا، فاستطاع أن يصرح وبكل جرأة أنه سيقف في وجه بارونات الاستيراد، ويفتح الملف الملغم " إستيراد السيارات"، وأمام إنخفاض أسعار البترول أعلن عن تقليص كوطة الإستيراد وفتح مصانع للتركيب في الجزائر لكن الأمور إنقلبت في لحظة، وبات  بوشوارب ، غير مرغوب فيه نهائيا. وسقط من دفتر الحكومة، يوم 25 جوان الفارط. أويحيى يدخل على الخط بوشوارب لم يكن وحيدا، ووجد دائما من يدافع عنه، لإخراجه من "الوضعيات المحرجة " فتقمص أويحيى دور "المحامي" للدفاع عن مدير ديوان حزبه في الأرندي. وبمجرد إبعاده من منصبه سارع، السي أحمد للتأكيد في ندوة صحفية، أن قرار  التعين وإنهاء المهام تبقى من صلاحيات الرئيس ولا يوجد أي حرج في إبعاد وزير الصناعة من الحكومة. حكومة تبون "تلعن" قرارات بوشوارب أيام فقط ويعاد الجدل، بتصريح الوزير الأول عبد المجيد تبون، الذي كان محاكمة مباشرة لبوشوارب، عندما قال :" الجزائر أضاعت 70 مليار دينار في مشاريع إستثمارية بدون مردودية" لكن الرد جاء سريعا من أويحيى :" الـ 70 مليار دينار ضاعت في كل القطاعات وليس في الاستثمار فقط". أصبح بوشوارب يحصد الشوك ، حيث لم ينتظر خليفته الأفلاني محجوب بدة، طويلا حتى باشر حملة تطهير بالوزارة طالت كل الوجوه المحسوبة على بوشوارب، وذهب أبعد من ذلك بتوجيهه انتقادات لمصانع تركيب السيارات ، باعتبارها وجه من أوجه الاستيراد "المقّنع"  والدولة لن تتسامح مع الوكلاء مستقبلا، حسب تصريحات بدة .

من نفس القسم - صحة وعلوم -