المال قبل البحر... هذا بيتي أسكنه شتاءا وأؤجره صيفا !

الجزائر/ هبة سنطوح ما بين الحاجة والطمع، تختلف حجج أسر جزائرية تقطن قرب الشواطئ لتبرير سبب تأجير منازلها خلال موسم الاصطياف، في ظاهرة جديدة تغزو بعض المناطق، وتتحول إلى فرصة لكسب المال في فصل الحرارة، بين منتصف شهر جوان وحتى نهاية شهر أوت، خاصة مع تزايد الطلب على الشقق، والنقص الفادح في المنتجعات والفنادق. أسر تؤجر شققها بكامل تجهيزاتها في الصيف فقط، وأخرى تؤجر طابقاً من طوابق البيت أو حتى غرفة أو غرفتين منه لفائدة السياح والمصطافين، هو نشاط موسمي وضرورة لا بد منها بالنسبة لبعضهم، ومدخول إضافي يساعدهم على مواجهة غلاء المعيشة، بحسب ما صرح به محمد لـ"للمصدر"، الذي يقطن في منطقة العوانة بولاية جيجل. محمد يؤجر الطابق الأرضي من منزله خلال الصيف بمبلغ يتجاوز المائة ألف دينار في الشهر، على اعتبار أنها "خدمة مربحة"، مضيفا انه يكسب خلال فترة الاصطياف ما يمكنه من شراء مستلزمات الدخول المدرسي بأريحية، ولولا الحاجة لما اضطر الى استقبال غرباء في بيته ، "يجهل ما سيجلبونه له ولأهله من عادات دخيلة قد تضر بتربية أولاده". من جهته يروي فؤاد بالكثير من الأسى معاناته مع “الرحلة” السنوية مع بداية أولى لفحات الحر، فإذا كان موسم الاصطياف عنوانا للراحة والاستمتاع بنسمات البحر الباردة، فهو ليس كذلك لفؤاد والكثير من معارفه في العاصمة، إذ يضطر لحزم أغراضه جميعها من الشقة التي يستأجرها ثم يأجرها بعقد شفوي. ففؤاد يجمع أثاث بيته المستأجر في عين طاية بالعاصمة، ليضعه مؤقتا في غرفة واحدة ، وينزل ضيفا ثقيلا على بيت والده، اما زوجته وأولاده ففضلوا بيت حماه حتى يخففوا قليلا ثقلهم على العائلة، ومع نهاية موسم الاصطياف يكون فؤاد قد جمع مستحقات تأجير نفس البيت للسنة المقبلة، ليقدمه على صحن من ذهب لمالكه الأصلي، حيث يؤكد بان غلاء الإيجار السنوي هو ما يحتم عليه تشريد عائلته كل موسم إصطياف . ولم يختلف الأمر بالنسبة لحسين، لكن تفاصيل القصة هنا تتغير فالأخير يستأجر شقة في ولاية تيبازة ، التي أصبحت قبلة للمصطافين في السنوات الأخيرة ، لتتحوّل شققها إلى فندق مفتوح، ضحاياه من يستأجرون هذه الشقق طيلة أيام السنة، حيث يقول حسين '' ما إن يقترب الصيف حتى يبدأ العد التنازلي للمعاناة، فصاحب الشقة سيضحي بنا بالتأكيد، لأنه يجمع أضعافا مضاعفة من المال عند تأجير الشقة باليوم الواحد، وظروف عملي تدفعني إلى عدم البحث عن بيت آخر بعيدا عن البحر يجنبني هذه المعاناة. ويضيف المتحدث “عند موعد تجديد العقد، خيّرني صاحب الشقة بين دفع مبلغ إضافي أو إخلاء المنزل، وحجته أن أصحاب الشقق الفارغة حصلوا على مبالغ كبيرة صيفا خلافا له، وعليه وجب علي الخروج إذا لم أدفع أكثر”، ليختم كلامه “أخليت الشقة مرغما لأدخل مرحلة جديدة من مسلسل المعاناة و اضطررت هذا الصيف إلى استئجار مرآب لامضي فيه الصيف. السيناريو نفسه يتكرر في كل الولايات الساحلية الجزائرية ، فالصيف بالنسبة للبعض ليس عطلة وبحرا ونزهات، بل هاجس حقيقي وبداية لمسلسل من المعاناة لا تكاد أطواره تنتهي في “رحلة الشتاء والصيف” بحثا عن مأوى بديل لمنزل تركوه مجبرين او مخيرين للمصطافين طمعا في دخل إضافي.

من نفس القسم - صحة وعلوم -