سوسبانس رئاسيات 2019 ينطلق مبــــــــــــــكرا والسلطة تجس النبض !

الجزائر/ المصدر فتح التقرير الصادر عن البرلمان الفرنسي، والذي لم يستبعد ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، النقاش مبكرا حول رئاسيات 2019 . وأثيرت تساؤلات عديدة عن مدى جدية  هذا التقرير ، وإن ما كان فعلا لدى الرئيس بوتفليقة، صاحب 80 سنة، رغبة في الترشح مجددا، وكذا ما الهدف من الترويج لأسماء بعينها لاعتلاء كرسي المرادية، على غرار أحمد أويحيى، عبد المالك سلال،  عبد العزيز بلخادم،  ولما لا عبد المجيد تبون؟. تفصلنا سنة ونصف تقريبا عن الرئاسيات القادمة، التي سيتمخض عنها إنتخاب الرئيس الحادي عشر للجزائر منذ التكوين والرئيس التاسع  منذ الاستقلال، لكن الأحزاب السياسية  تلتزم  لحد الساعة الصمت  حيال هذا الموعد الهام، وترفض الإفصاح عن نواياها السياسية، وتفضل الاكتفاء بتشخيص الواقع المعاش،  وضبط عدادها على الإشارات التي تبعث بها السلطة لجس نبض الشارع فقط. وحجها في ذلك أن الموعد لم يحن بعد. من شكيب خليل إلى أويحيى وسلال  وإن كان سوسبانس الرئاسيات  سيستمر أطول مدة ممكنة، بسبب الغموض الذي يكتنف الوضع السياسي عموما، لكن السلطة تعمدت منذ فترة توجيه رسائل مشفرة لها علاقة بهذا الموعد. البداية  كانت بعودة وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، الذي ارتبط إسمه بفضيحة القرن سونطراك، وجرى حديث طويل عريض عن دور سياسي  للرجل في الفترة المقبلة، خاصة بعد جولاته المكوكية إلى الزوايا ، وخرجاته على الفايسبوك التي جاءت لتشخص الواقع الإقتصادي لبلادنا، الأمر الذي قرأه البعض على أن شكيب خليل يعرض خدماته كمسؤول سياسي سواء في منصب وزير، رئيس حكومة، أو حتى مرشحا كرئيس للجمهورية. لكن تبين في نهاية المطاف أنه  مجرد بالون إختبار فقط، حيث لم  تقتصر " لعبة تسريب الأسماء " على شخصه  فقط، وهناك عدة أسماء باتت مطروحة، ويتعلق الأمر بعبد المالك سلال الوزير الأول السابق، والأمين العام للأرندي،  ومدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى. وأشارت تسريبات إلى أن جناحين في السلطة، يفكران في تهيئة الرجلين لانتخابات الرئاسة المقبلة، وظهر ذلك خلال التشريعيات الأخيرة، بتحويلهما الحملة الانتخابية إلى حملة مسبقة للرئاسيات لصالحهما. وفهمت هذه التحركات على أنها دخول رسمي في سباق خلافة الرئيس الحالي. كما أعطت الانطباع بأن الجزائر مقبلة على تنظيم إنتخابات مسبقة لأن درجة التنافس بلغت مداها. وتحول أويحيى إلى رجل " إجتماعي" يطالب بتطبيق عقوبة الإعدام على خاطفي الأطفال، تجار المخدرات، وتوسيع إستفادة أصحاب الأجور المقدرة بـ 6 ملايين سنتيم، من سكنات اجتماعية وغيرها من المطالب التي صنفت في خانة "الخطاب الشعبوي ".  أما عبد المالك سلال، فحرص على "مغازلة"  رجال المال والأعمال والتقرب منهم، عبر منحهم امتيازات خيالية، في إنتظار رد الجميل بعد حين. لكن سرعان ما إكتشف الجزائريون أن تلك الخرجات كانت بارون إختبار أيضا، وكان ذلك بمجرد تخلي الرئيس بوتفليقة عن خدمات سلال كوزير أول، مباشرة بعد التشريعيات،  رغم حرص الأخير  طول فترة تسيره للطاقم الحكومي، على عدم  الجهر برغبته في دخول قصر المرادية . في حين جرى حديث أن أحمد أويحيى، تم تحجيم دوره كمدير ديوان رئاسة الجمهورية ولم يعد مطلعا على كافة الملفات وبات منصبه إداري فقط. الهامل.. شخصية عسكرية توافقية وغير بعيد عن سلال  وأويحيى،  يظهر إسم ثالث، هو شخصية عسكرية وأمنية تحظى بالتوافق، إنه اللواء عبد الغني هامل الذي عينه بوتفليقة على رأس جهاز الأمن الوطني خلفا للمدير العام السابق للأمن علي تونسي المغتال في مكتبه سنة 2010. وكان الهامل قد تقلد عدة مناصب عسكرية سابقا من بينها قائد الحرس الجمهوري. ويعد الهامل من الشخصيات التي تم ترشيحها للاستحقاقات القادمة، وقرأت خرجاته الأخيرة وتصريحاته من هذا الباب. إلى ذلك تضاف أسماء في قائمة خيارات السلطة السياسية والعسكرية مثل عبد العزيز بلخادم رئيس الحكومة السابق، العائد إلى الواجهة مؤخرا، وهو الرجل الذي يظهر ويختفي حسب الظروف والمتغيرات السياسية، لكنه يبقى الرجل الذي لا يكل ولا يمل في الإفصاح عن رغبته الجامحة في  قيادة الجزائر، وهو ما جعله ضحية طموحه السياسي. ووسط هذه القراءات، يطفو إلى السطح ، اسم آخر هو عبد المجيد تبون الوزير الأول، الذي يعد من الأسماء المقربة من محيط الرئيس بوتفليقة، حيث شدت قراراته المتخذة مؤخرا ومواقفه  الرأي العام، خاصة ما تعلق بحربه على تزواج المال والسياسة ورخص الاستيراد. لكن تلك النشوة والطموح سرعان ما إصطدمت بجدار عازل،  ولم ينجح تبون في مواصلة "كبح " جموح رجل الأعمال علي حداد، وانتهى الأمر برميه للمنشفة والتصالح مع حداد. تقرير فرنسي يخلط الأوراق التقرير الأخير الصادر عن البرلمان الفرنسي، أخلط كل الأمور وعقدها، بعد تأكيده بناء على اللقاءات التي عقدها معدو التقرير بكبار المسؤولين الجزائريين، بأن كل الظروف مهيأة أمام الرئيس بوتفليقة للترشح لعهدة خامسة. لكن هذا السيناريو لا يحظى بالأغلبية نظرا للحالة الصحية للرئيس، ومن باب أن مستقبل الرئاسة يخضع لإرادة الشعب وليس لتحليلات وإستشرافات دول الأخرى التي دائما ما تسعى للحفاظ على مصالحها على حساب التدخل في شؤون الآخرين. وهو ما يجعل القراءات تتجه الى سيناريو أخر وهو شقيق الرئيس الأصغر السعيد بوتفليقة، الذي بات يتصدر المشهد السياسي في الأشهر الأخيرة، لكن هذا السيناريو يبقى مستبعدا هو الآخر على اعتبار أن الجزائر لم تصل بعد إلى  مرحلة توريث الحكم التي لا تزال أمرا عصيا على المجتمع .

من نفس القسم - سيـاســة وأراء -