أويحيى وزيرا أولا.. هدية مسمومة بطعم التقشف أم "إبعاد الرجل عن قدره" !

الجزائر/ نادية.ب يصنع تعيين أحمد أويحيى، كوزير أول، خلفا لعبد المجيد تبون، جدلا واسعا، وذلك ككل مرة يذكر فيها إسم هذا الرجل، لكن الأحاديث الدائرة حاليا مرتبطة بخلفيات ومبررات هذا القرار، ولما الاستنجاد برجل المهمات القذرة، في هذه المرحلة بالذات ونحن على مقربة من رئاسيات 2019. هل فعلا الوضع الإقتصادي يتطلب رجلا " جريئا" لأن القرارات القادمة غير شعبية، أم أنها خطوة محسوبة الأركان، تمهيدا لحرق أوراق الرجل أمام الجزائريين حتى تكون حظوظه ضئيلة في حال الترشح  وهو القائل مرة أن "الرئاسيات هي موعد رجل مع قدره"؟. يعود أحمد أويحيى إلى قصر الدكتور سعدان، كوزير أول  في رابع تجربة يقضيها على رأس الجهاز التنفيذي، لكن ظروف التعين تغيرت وتبدو مختلفة تماما عن تلك الفترات التي سير فيها السي أحمد  الحكومات السابقة. بداية من ظروف تعينه هذه المرة والتي جاءت في سياق" تغول المال عن السياسة" ورأينا كيف إنتصر الرئيس بوتفليقة أو محيطه لرجال الأعمال والمتعاملين الاقتصاديين على حساب الحكومة، التي أقرت مؤخرا إجراءات لفصل المال عن السياسة لكنها كانت مجرد شعارات لم تطبق ميدانيا. كما أن تعين السي أحمد يأتي في وقت تعرف فيه الجزائر أزمة اقتصادية، على خلفية تراجع مداخليها بالعملة الصعبة، وكذا غياب إقتصاد حقيقي. والأكيد أن  هذه المرحلة تتطلب قرارات غير شعبية وإجراءات تقشفية يتضمنها قانون مالية 2018، وقد لا توكل هذه المهمة لأي رجل، وإنما يجب أن تتميز فيه مواصفات معينة، كتلك التي يمتلكها أحمد أويحيى، الذي سبق له وأن إتخذ إجراءات مشابهة، سنوات التسعينات، وصفت بأنها   "كارثة وجريمة"، بسبب "كسرها لكل المخططات والإستراتيجيات التي وضعت في عهده للنهوض بالبلاد في المجال الاقتصادي"،  و خوصصة الشركات وحملة "الأيادي البيضاء"  التي كانت جريمة في حق الإطارات الجزائرية التي وجدت نفسها في السجن، بدون أي سبب. هذا طبعا في الشق الإقتصادي، لكن  في الجانب المتعلق بالسياسة، فهناك الكثير من التحليلات والقراءات التي تحدثت عن مصير وكذا مستقبل الرجل في المرحلة القادمة. فتعين أويحيى كوزير أول، سيتبعه قرار أخر وهو "تجريده" من صفة مدير ديوان الرئيس بوتفليقة، لأنه لا يمكن لأي مسؤول الجمع بين وظيفتين سياسيتين. وبالتالي فإن أويحيى سيفقد تلك الامتيازات التي كان يحظى بها كمدير ديوان، حيث كان مطلعا على كل صغيرة وكبيرة تجري في قصر المرادية، كما أنه أكثر قربا من مركز صناعة القرار. ليس هذا فقط، حتى أن أويحيى، سيفقد في حال إتخاذه قرارات غير شعبية " دعم ومساندة" شريحة كبيرة من الشعب وذلك إن قرر الترشح لرئاسيات 2019، والأكيد أن هذا الطموح ظل يراوده،  مثله في ذلك مثل رؤساء الحكومات السابقين الذين لم يخفوا نيتهم في الترشح والتجارب عديدة، مولود حمروش، مقداد سيفي، علي بن فليس وغيرهم.   لكن الفارق الوحيد بينه وبين غيره أنه لا يجهر بهذه الرغبة حتى لا يصبح من المغضوب عليهم، فعندما سئل من طرف الصحافة في إحدى المرات،  أغلق الملف في وقته وقال :" لا تسألوني فالرئاسيات بالنسبة لي كموعد الرجل مع قدره" ومنذ ذلك الوقت لا يسأل أويحيى عن طموحه الرئاسي أبدا، لأنه معروف. لكن بتعينه  وزير أول خلفا لعبد المجيد تبون، هل ياترى قصدت الرئاسة إبعاده عن قدره إلى ما بعد 2019،  وقلصت حظوظه لأن هناك أمور تحضر ولا نعلمها، كالعهدة الخامسة مثلا،  أم أن الفرصة أعطيت له في غضون السنة والنصف المتبقية عن الرئاسيات للترويج لنفسه قليلا حتى يكون مرشحا "مقبولا" لدى العامة ، وتكون له فرصة طرد تلك الإنتقادات التي لازمته وجعلت الشعب ينظر إليه نظرة قاصرة، وبأنه من سيمنع الأكل والشرب عنهم ويقتطع من رواتبهم تطبيقا لمقولة :" ليس بالضرورة أن يأكل الشعب الياوروت". قد يكون الحكم  على القرارات وتداعياتها سابق لأوانه، لأن السياسة في الجزائر مثل لعبة الشطرنج؟.

من نفس القسم - سيـاســة وأراء -