بقوّة القانون .. الطبقة السياسية تسكت عن الكلام المباح !

الجزائر / نهال.ش

  ستدقّ اليوم الساعة الصفر، بعد 3 أسابيع كاملة، روت خلالها مختلف التيارات السياسية المشاركة في الإنتخابات المحلية المقبلة، قصصا وأحجيات، على المواطن، من أجل كسب صوته يوم 23 نوفمبر القادم. لكن لكل بداية نهاية، وهذه النهاية بداية لشيء آخر : مرحلة الصمت الإنتخابي ! لغير العارفين، بقانون الإنتخابات، تعني مرحلة الصمت الإنتخابي، منع كافة الأحزاب والقوائم التي اختارت خوض غمار الإنتخابات، من ممارسة أي نشاط في إطار حملتها الانتخابية، لذلك يستغلّ المترشحون، الدقيقة والثانية من الضوء الأخضر، لتقديم برامجهم الإنتخابية وتفسيرها للشعب، لعلّه يقتنع. لكن هل التزمت طبقتنا السياسية بالأعراف والتقاليد الإنتخابية، في الظرف الزمني الأخير، أم أنها استعجلت فتعثّرت ؟ يرى متتبعون للشأن السياسي في الجزائر، أنّ الحملة الإنتخابية التي سبقت محليات 2017، وإن شاركت فيها أغلبية التيارات السياسية، عكس حملة المقاطعة التي طفت على سطح تشريعيات ماي 2017، أنّها كانت "فاشلة" على جميع الأصعدة، سواء من حيث الخطاب السياسي، الذي طغت فيه لغة الخشب، والتنابز والسباب، إلى حدّ التهريج والخيال، أو من حيث البرامج الإنتخابية، التي حملت شعارا واحدا لا ثاني له : الوعود الوهمية، ناهيك عن توغّل "مافيا" الإنتخابات، خلال هذه الحملة التي "همّلت" رؤساء الأحزاب، البرلمانيين، ممثلي الأحزاب، وزراء سابقين وأسبقين، إلى كل ربوع الوطن، حتى إلى قرى ومداشر، لا نسمع عنها شيئا، إلّا في المناسبات الإنتخابية، طبعا بشعار: "نردوهالكم جنّة"، جنّة يحلم بها هؤلاء البسطاء منذ استقلال الجزائر! أمّا عن الخطاب السياسي، لم يختلف كثيرا عن سابقيه، خلال هذه الحملة، بين موالاة وتصريحاتها الغريبة تارة والغامضة تارة أخرى، فلغة يجلس خلالها رئيس جمهورية الجزائر المقبل في رأس أحدهم، أحدهم هذا، تبيّن أنّه بطل مغوار، تجده في كل مكان وزمان، مرة في ألمانيا يدرس مع ميركل ويخترع آلة تصوير، ثم في أعالي الجبال يجاهد، ثم ينقذ ضحايا حملة باب الواد وزلزال بومرداس ! وآخر ارتدى قناع "الخوف والرعب"، متوعّدا بتقشف مرير وأزمة إقتصادية لا تحمد عقباها، لكن سرعان ما انقلبت الموازين، ليتحوّل إلى صاحب نوايا حسنة، رافعا شعار الأمل والسلام في وجه "المتقشفين". أما آخرون فمنهم من اتخّذ نوفمبر، شعاره في الحملة، ليقصف الأفلان طيلة 21 يوم ، ويكرر دون ملل: كفى من استغلال الشرعية الثورية، ومنهم من أقسم على عدم التخلي، ولو ليوم واحد، عن لغة الخشب، ووضع تاج على رؤوس الشباب والتغني بالبدائل الإقتصادية. أما حبة الكرز فكانت أحزاب وشخصيات لا يسمع صوتها إلى في الأعراس الإنتخابية، خطابها غريب حدَّ تشبيه الشعب بحيوانات مجترة، كانت تأكل الحشيش، سنوات التسعينات ! المعارضة كعادتها، كان همّها الوحيد، بحّ أحبالها الصوتية، في انتقاد السلطة، وقرارات الحكومة، ومن بين تلك المعارضة، من اتّهمت السلطة بالتزوير حتى قبل أن يٌنتخب مرشّحها بقسنطينة "مير"، ومن المعارضة أيضا، من بقيت وفيّة لـ "الأيادي الخارجية" و"الأنديجينا" وغيرها من المصطلحات التي "تهدّد" نفسية المواطن البسيط ! ومن المعارضة من لعب دور "المسكين" ، متّهما حتى التلفزيون العمومي بعدم تغطية تجمعاته الشعبية، وهناك حتّى من "غازل" نساء شرق البلاد، في خطاباته، لكسب أصواتهنّ ! بين هذا وذاك، أين البرامج الإنتخابية ؟ التي من المفترض أن تكون شريانا إلى قلب وعقل المواطن؟ يبدو أن الساسة في الجزائر، نسوا أو تناسوا، أنّ المنتخِب يصوّت على البرامج، ليس على الأشخاص، ولا حتى على الماضي الذي طويت صفحاته، أو المستقبل البعيد، ولا عمّن يضحكه أو يبكيه، أو من يستغلّ وضعه الإجتماعي أو غيره، ممّا يعانيه، بل على من يراه مناسبا لتغيير واقعه إلى غد أفضل ! كانت هذه إذن، خلاصة القصص و"الأحجيات"، التي غابت فيها الحجّة والبرهان، طيلة 21 يوم من الجري والسعي وراء كرسي "المير" و "المنتخب الولائي". فسيسكت هؤلاء اليوم، عن الكلام المباح، ليقول نهاية الأسبوع الجاري، الجزائري كلمته في صندوق، لا طالما علّق آماله عليه !

من نفس القسم - صحة وعلوم -