من "سلال" إلى "أويحيى".. حكومات "البريكولاج" ؟!

بقلم محمد حميان المتمَعِّن في مختلف التدابير، لمختلف الحكومات، -المتبناة بعد أزمة انهيار أسعار الذّهب الأسود في السوق العالمية، إلى تراجع المداخيل-، يفتح الباب واسعا، لتقييم ما تم تفعيله من خلال مراسيم أو قوانين، كان الهدف منها –ربّما- تقليص فاتورة الواردات، أمام تآكل إحتياطي الصرف، الذي تجاوز 200 مليار دولار قبل سنتين. "بريكولات حكومية" !؟ غابت الحوكمة، خلال إعداد مخططات عمل الحكومات السابقة، فحرص المشرفون على تجريد برامج عمل الحكومة، لوضع أسهل وأبسط السّبل لوقف النزيف الحاد لإحتياطي الصرف في البلاد، كيف ؟ طبعا، وكما يعلم العام والخاص، تطبيق زيادات جديدة وجديدة ثم جديدة، في الضرائب، المواد الواسعة الإستهلاك، والوقود، هذا الأخير، الذي تضاعف سعره في ظرف سنتين فقط. تراجع مداخيل شريان الإقتصاد الوطني، قابله منطقيا، انهيار قيمة العملة الوطنية، ما جعل الأسواق تلتهب وتحترق، ما جعل القدرة الشرائية للمواطن تنهار بفعل فاعل، والفاعل طبعا مخططات الحكومة. "السي احمد" ؟! جاء أحمد أويحيى، وعلى رأي المثل " مرحبا بالذي جاء وجاب"، فهو رجل المهمّات الصعبة، معروف بحنكته، وتحكّمه في زمام الأمور. قيل عند تربّعه على عرش الوزارة الأولى، أنّ ما جاء به الرّجل، مشروع "القرن"، وإن حُرمنا من "الياغورت"، إلّا أنّ القادم : تنمية .. ازدهار.. وحلّ لمجابهة خطر تهاوي سعر النفط، وبدائل إقتصادية تدرّ المال.. لا طبع الأموال!! مخطط حكومة "السي أحمد"، لم يختلف عن سابقيه، بلجوئه إلى "حيلة" طبع النقود، كإجراء عقابي لرجال المال والأعمال، في السوق الموازية، مخطط وإن استحسنه الأقليّة، ثار ضده البقيّة، على رأسهم وزير الطاقة والمناجم السابق، شكيب خليل، بحكم موقعه كخبير ودكتور، الذي أكّد في أكثر من مناسبة، أنّ خارطة أويحيى، لم ترتكز على أدراج مقترحات عملية لتنويع الإقتصاد، كما هو الحال في الدّول التي تحترم نفسها. قلتم "أحزاب سياسية تقدّم البديل" ؟؟! الأحزاب السياسية، من جهتها، أو "سوق الكلام"، مهما كان لونها، موالية أو معارضة، إمّا منشغلة بتنظيم وضبط عقارب ساعتها للإستحقاق الرئاسي المقبل، وفقط، أو تشتكي التزوير، متناسية الخوض في أسباب تراجع نتائجها وايجاد حلول لكسر العزوف الإنتخابي، وتعزيز مكانتها، لتكون قوة اقتراح، بل أهملت هي الأخرى آمال المواطنين، ولم يقدم زعماؤها الحلول الإقتصادية العملية، التي تتيح للجزائري تجاوز تداعيات أزمة تراجع المداخيل، بأريحية. أين العباقرة ؟ إنّ تدهور وتقهقر القدرة الشرائية لدى المواطن، راجع بالدرجة الأولى إلى فقر البرامج الحكومية، الحالية والسابقة، فمتى نستوعب أن الإعتراف بمحدودية خيارتنا، ليس عيبًا، بل العيب في عدم استدراكنا للأخطاء، ومراجعة أنفسنا، خصوصا لمّا يتعلق الأمر بتسيير شؤون أكثر من 40 مليون جزائري ؟ أظنّ أننا فشلنا في صناعة الخيارات الإقتصادية التي تناسب المواطن، محور اهتماماتنا. للأسف، هو واقع يتحمل الجميع مسؤوليته، لا أن ندير له ظهورنا "لا يجوز"، فالوزير الأول، أحمد أويحي، اجتهد وهو مشكور من خلال مخطط عمل حكومته،  إلا أنّ مقترحاته، التي صادق عليها البرلمان، لم ترقى لتطلّعات "المواطن" البسيط. أخيرا وليس آخرا، قارة الجزائر اليوم، بحاجة ماسّة إلى عباقرتها، وكفاءاتها البشرية المهمشة في الداخل، أو تلك التي فرضت نفسها في أعظم دول العالم، من هناك تُشعل شمعة التنمية، عوض لعن الظلام !!

من نفس القسم - صحة وعلوم -