قناصلة وسفراء الجزائر.. غابت الدبلوماسية وحضرت السياحة!

الجزائر/ نادية .ب

خلفت الوفاة الغامضة للشاب "الحراق" محمد بودربالة، بسجن أرشيدونا جنوبي إسبانيا، علامات استفهام ما تزال تبحث عن جواب من طرف عائلته التي تشكك في أن يكون ولدها قد انتحر حسب رواية السلطات الإسبانية، وتتمسك العائلة في حقها بفتح تحقيق في ملابسات الوفاة التي تحوم حولها فرضية تعرضه للضرب.

وفاة الشاب بودربالة في سجون إسبانيا ليست الحادثة الأولى ولن تكون الأخيرة في سجلات المآسي التي يتعرض لها أفراد الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج،  في ظل لا مبالاة تامة لبعض السفراء و القناصلة ، الذين أثبتت التجارب والحوادث أنهم أخر من يعلم كما أنهم ليسوا مندفعين ولا يتمتعون بالحماسة اللازمة عندما تواجه جاليتنا مشاكل وعقبات. وهو الأمر الذي ندد به نواب المهجر أو جمعيات حقوقية في مرات عديدة.

مغانم في مهب الريح

ترصد الدولة مبالغ طائلة سنويا لتغطية نفقات سفاراتها وقنصلياتها في الخارج قصد تسهيل مهمتهم الدبلوماسية المنوطة بهم  سواء من ناحية الرواتب أو المنح وحتى امتيازات أخرى، باتت تسيل لعاب كل مسؤول يتمنى أن يتخذ الرئيس قرارا بتعينه سفيرا أو قنصلا في دولة ما، لأنه يدرك جيدا حجم المغانم والفرص الكبيرة التي قد يوفرها المنصب  .

وتبدأ مهمة أعضاء السلك الدبلوماسي في الخارج بحماية الرعايا الجزائريين و الدفاع عن المصالح الاقتصادية والسياسية للبلاد ، وتسويق صورة "مشرفة" عن الجزائر واستقطاب فرص الاستثمار، إضافة إلى مهام أخرى يضيق المقام لذكرها جميعا.

لكن قائمة المهام و المسؤوليات الطويلة، تظل مجرد رقم فقط، بدليل أن كل  الإجراءات والقرارات المتخذة من طرف سفراء الجزائر ليست في مستوى التطلعات ولا نجد تأثيرا مقنعا لممثلي الدبلوماسية الجزائرية، بإعتراف سفراء سابقين ومسؤولين في الدولة، لا ينحرجون من توجيه سهام الانتقاد لهذا السلك.

الحراقة "يفضحون" السفراء

قضية احتجاز 500 حراق جزائري في السجون الإسبانية والتي توفي على إثرها الشاب محمد بودربالة في ظروف تبقى غامضة لحد الساعة، تظل مثالا بسيطا جدا. فحسب تصريح النائب عن الجالية بالمنطقة الرابعة أوروبا عدا فرنسا والأمريكيتين نور الدين بلمداح  تتحمل  سفيرة الجزائر بمدريد طاوس فروخي، مسؤولية وفاة الشاب الجزائري (الحراق) محمد بودربالة بسجن أرشيدونا بملقة الإسبانية، وأيضا الأوضاع التي عايشها نحو 500 جزائري بذات المؤسسة العقابية الإسبانية. وانطلاقا من هذه الحادثة يمكن الوقوف على مدى "تقصير" دبلوماسيينا في أم القضايا المتعلقة بعمليات الترحيل القسرية للرعايا الجزائريين أو الظروف القاسية التي يواجهونها في البلدان التي توجهوا إليها والتي تزداد قساوة بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين.

قنصليات وسفارات.. مكاتب للحالة المدنية

وفي ظل الأداء الهزيل جدا، تحولت القنصليات والسفارات إلى مجرد مكاتب للإدارة المحلية لا يتعدى دورها استخراج العقود ووثائق الحالة المدنية، مثلها مثل الإدارات الجزائرية في الداخل.

ويروي أحد أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا أن السفراء والقناصلة تحولوا إلى أشخاص إداريين فقط حالهم حال "الأميار " ورؤساء الدوائر في الجزائر، لا يستقبلون الرعايا ولا يردون على الهاتف، حتى أنهم لا يكلفون أنفسهم عناء الاستماع إلى انشغالات الجالية رغم الدعوات المتكررة، خصوصا الذين يقطنون بطريقة غير شرعية ويبحثون عن "مساعدة" من هؤلاء لتسوية وضعيتهم العالقة.

اعتراف ينتظر الفرج

ودفع  ضعف ممثلي السلك الدبلوماسي وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، للخروج عن صمته، في وقت سابق، كاشفا عن تعليمات أسداها الرئيس بوتفليقة لإعادة انتشار جديد للدبلوماسية الجزائرية ولعب دور أكثر فاعلية على الساحة الدولية ضمن إستراتيجية جديدة لتفعيل الدور الدبلوماسي الجزائري أكثر على سواء على مستوى العلاقات مع دول الجوار ولاحظ مساهل أن عدد كبير من السفراء والقناصلة لا يقومون بدورهم وهو ما أضر كثيرا بصورة الجزائر في الخارج.

إعترافات مساهل ليست الأولى، فقد سبقه في ذلك وزراء الشؤون الخارجية الذي تعاقبوا على مبنى "العناصر" لكن لا شيء تغير على أرض الواقع وبقيت دار لقمان على حالها.. فمتى نرى سفراء و قناصلة يقلبون الطاولة دفاعا عن مواطنينهم بدل الاكتفاء بالسياحة والأسفار في البلد المعينين به !

من نفس القسم - صحة وعلوم -