فاطمة الزهراء زرواطي للمصدر: لا أرى نفسي وزيرة.. وحصر وزارة البيئة في النفايات والأكياس البلاستيكية ظلم

حاورتها / كنزة خاطو 

كشفت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، فاطمة الزهراء زرواطي، عن أهمّ المشاريع المستقبلية في مجال البيئة، وكذا عن أهمّ القوانين التي تخصّ حماية البيئة والمحيط. كما تطرّقت في هذا الجزء الأوّل من الحوار الحصري مع "المصدر"،  إلى الديبلومسية البيئية، وكذا الإستثمار في رسكلة النفايات، وغيرها من النقاط المهمّة، التي تخصّ المحيط والبيئة.

مرحبا معالي الوزيرة المحترمة فاطمة الزهراء زرواطي.

نتشرف كموقع إخباري  "المصدر" يمتاز بالمهنية والمصداقية رغم حداثته بإجراء حوار صحفي مع شخصكم من أجل الحديث عن قطاعكم الهام جدا في حياتنا كجزائريين واطلاع الرأي العام بمشاريعكم المستقبلية وما تنوون القيام به من أجل النهوض بهذا القطاع.

أوّلا وقبل أن نشرع في طرح الأسئلة، هل رأت السيّدة فاطمة الزهراء زرواطي، نفسها وزيرة قبل أن تحمل حقيبة البيئة والطاقات المتجددة ؟

صراحة، لاطالما اعتبرت حياتي نضالا متواصلا، خاصة في مجال البيئة وانشغالي بها منذ تخصّصي بالجامعة، إضافة إلى نضالي في المجتمع المدني، وكأوّل إعلامية متخصصة في البيئة طيلة أزيد من 10 سنوات.

صراحة ونحن في المجتمع المدني، لا يمكن أن نفكّر أبدا في أيّ منصبٍ كان، فالنضال، في حدّ ذاته متعة كبيرة وإيمان بالقضية، وضرورة تغيير الأشياء نحو الأحسن، من بينها تغيير نمط العقلية والمعيشة من أجل الحفاظ على البيئة.

فكان لنا الشرف في نيل عضوية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قبلها بشهرين، من طرف رئيس الجمهورية، أمّا كوزيرة، أظنّ أنها محطة مهمّة جدّا، تضعني في امتحان كبير، أمام نفسي أوّلا، كأحد من رفعوا هذه القضية عاليا في الجزائر وخارجها، ثمّ الشعب، ومن وضعوا في شخصي الثقة، على رأسهم رئيس الجمهورية،  لذلك لم أتمنّى أبدا هذه المسؤولية، لكن مادام أنّها أوكيلت لي، أتمنّى أن أتحمّلها، ولو كانت على حساب الكثير من الأشياء التي يجب أن أتخلّى عنها من أجل خدمة الوطن.

تفاءل الكثير بتعيينكم معالي الوزيرة على رأس البيئة والطاقات المتجددة، ما هي أهمّ المشاريع التي جسّدتها الدولة الجزائرية، والتي تعمل وزارتكم على تفعيلها في مجال البيئة ؟

التفاؤل متبادل، فقطاع البيئة بحاجة إلى دعم من القاعدة والمواطن، لا يمكننا العمل في غياب المجتمع المدني. أمّا المشاريع التي تجسّدت، وُجب التذكير ، أنّ أوّل قانون في المجال كان سنة 2001، ففي اطار برنامج رئيس الجمهورية، قبلها لم تكن بنى تحتية، فكان لابدّ أن نرسي هذه البنى التحتية، لمدّة 15 سنة، أين تمّ تخصيص 2 مليار دولار، تمّ من خلالها، إنشاء الكثير من المؤسسات والهياكل القاعدية، التي تقوم بتجسيد سياسية القطاع في الميدان، منذ استحداث وزارة البيئة سنة 1999، وكذا المؤسسات التي تعدّ آليات ضرورية، لتجسيد سياسة القطاع، بما فيها المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وكذا المركز الوطني للتكوينات البيئية، إضافة إلى المركز الوطني لإنتاج التكنولوجيات الأكثر نقاء، والوكالة الوطنية للنفايات، ومؤسسات أخرى التي تدخل  سواء ضمن الطابع العمومي أو ذات الطابع التجاري. وعليه كلّ هذه المؤسسات، تعدّ استثمار حقيقي، وبنى تحتية تساعدنا، على تقويتها أكثر، خاصّة فيما يخصّ تكوين الموارد البشرية، وضبط ورقة الطريق التي تجعلنا، نحيّن البرامج حسب أولويات القطاع، التي تندرج أيضا ضمن برنامج الحكومة في اطار برنامج الرئيس.

يتحدّث الكثير عن الحماية القانونية للبيئة، ما هي معالي الوزيرة أهمّ القوانين التشريعية التي تدخل ضمن هذا الشّق ؟

الحماية القانونية موجودة طبعا، فالدستور سنة 2016، وضع اللمسة الأخيرة والمُتوّجة لكلّ القوانين منذ سنة 2001، فهناك قانون يخصّ تسيير النفايات، وقانون للمجالات المحمية، وقانون خاصّ بالمساحات الخضراء، فكلّ القوانين التي خرجت من القطاع جاء الدّستور ليجعلها مرجعا لكلّ القوانين، بمعنى أنّ جملة القوانين ملزمة أن تأخذ بعين الإعتبار القانون البيئي. فمادتي الدستور 19 و68 صريحتين جدّا في الخصوص، خاصة فيما يتعلّق بالترشيد والمحافظة على الأجيال المقبلة.كذلك أصبح للمواطن اليوم الحقّ في بيئة سليمة، التي صارت أولوية ومدسترة. وعليه اليوم، باعتبارنا قطاع أفقي، لن نتعب، في التصادم مع قوانين أخرى، أي أنّ كلّ القوانين التي ستنبثق في أي قطاع كان، ستكون لها مرجعية لا محالة، للقوانين الموجودة في الدستور.

الجزائر جزء لا يتجزأ من الكرة الأرضية ككلّ، والعالم اليوم يدق ناقوس الخطر بخصوص المحافظة على البيئة والمحيط، أين الجزائر من المعاهدات الدولية في المجال ؟

ليكن في علمكم، الجزائر من بين الدّول القلائل في العالم، التي صادقت على جلّ المعاهدات، وأكثر من ذلك، الجزائر معروفة بدبلوماسيتها القويّة، هذا انبثق عنه دبلوماسية بيئية قويّة، فوجودنا في جميع المحافل الدّولية، يجعلنا موجودين  في كلّ ما يلتفّ حوله العالم من اهتمامات، خاصّة البيئة. فاليوم صارت قضيّة مصير، وذلك يتبيّن من خلال الحضور المكثّف للحكومة والمسؤولين في جميع المحافل الدّولية، بعدما كان المجتمع المدني، وحده المشارك.

واليوم كما تعلمون، حجم سكان العالم يتجاوز 7 مليار نسمة، ما يجعل التهديد كبير، بدليل انقراض، الآلاف من الأنواع النباتية والحيوانات، بسبب تغير الهواء ودرجة الحرارة والتلوث. والجزائر ليست بمنعزل على العالم، فكانت دائما تعبّر عن وعيها الكبير، على الرّغم، من أنّها ليست ملوّثة.

فجلّ الملتقيات، كانت فرصة لتبادل الآراء، فالاطار البيئي، للتذكير، يحدّد طبيعة العلاقات بين الدّول، فالتلوّث قد يضع أي دولة في حرج كبير، والجزائر، كما يعلم الكثير، كانت من بين الدّول الأولى التي بعثت بالمساهمة الوطنية المزمعة، وتحضّر للمشاركة الثانية هذه السنة، ومن المصادقين على اتفاقية المناخ سنة 2016، التي تزامن وصدور الدستور. كما تجدر الإشارة، أنّه إضافة إلى التزامات الجزائر مع جلّ البروتوكولات والمعاهدات، تدفع اشتراكات مالية.

من المغالطة معالي الوزيرة، أن يحصر البعض، مهمّة وزارتكم في جمع النفايات والأكياس البلاستيكية، لكن الوزارة قطاع هام ومدرّ للأموال،-كيف يصبح قطاع البيئة، قطاع خالق للثروة يعوّل عليه في ظلّ أزمة إقتصادية تعيشها الجزائر ؟

صراحة، أنّ القطاع حُصر في جمع النفايات والأكياس البلاستيكية، ذلك يعود لدور الإعلام بالدرجة الأولى، فمن المفروض أن يعطي الصورة كاملة عن أيّ قطاع.

قطاع البيئة، قطاع تقني، ومراقب بالدّرجة الأولى، يستحيل فتح أي منشأة دون دراسات تمرّ على الوزارة، فيقع على عاتقنا، ضوروة وجود منشآت تراعي كلّ المعايير والمقاييس التي تجعل الإنسان، البيئة، والإستثمار في مأمن. حصرنا في النفايات، كذلك، نقول ربّما ذلك راجع إلى المواطن، فلدى خروجه، يجد نفسه وسط النفايات، يعبّر على البيئة بطريقته والأمر عادي، لكن قطاعنا له الكثير من المهام ذات الأولوية.

من جهة أخرى، النفايات المنزلية، لنصحّح الفكرة، من صلاحيات المجالس البلدية مائة بالمائة، والنفايات الهامدة من صلاحيات الولاية، ثمّ النفايات الخطيرة والسامة، فهي من صلاحيات الوزارة، التي تبقى قليلة جدّا. أمّا السياسة القطاعية للوزارة، تكمن في التسيير المدمج للنفايات، فنحن نرافق جميع المجالس البلدية في وضع الخطّة، للتكفّل بنفاياتها، وليست وزارة البيئة من توفّر الحاويات. وبالنسبة للمنشآت القاعدية، استثمرنا الكثير في الرّدم التقني عبر الولايات، مراكز سمحت بالتكفّل بأكثر من 50 بالمئة من النفايات عبر القطر الوطني، لدينا 13 مليون طن سنويا من النفايات، يتمّ التكفل بأزيد من 6.1 مليون طن، الباقي هي خارج التكفّل، لذلك وُجب تكثيف الجهود للوصول إلى تكفّل كامل.

من جهة أخرى، قمنا بالعديد من الدّراسات وأنجزنا الكثير من الحظائر، عبر العديد من المدن، وهناك من هي قيد الإنجاز وأخرى مشاريع، لذلك نشجّع على الإستثمار في المجال، لكن بمنطق آخر، وطرق تسييرية أخرى، لتلبّي عقلية مواطن اليوم، فمثل هذه الفضاءات تضيف إلى الهدوء الإجتماعي.

سبعة على عشرة، هي نسبة المواطنين القاطنين بالمدن، نسبة كبيرة جدّا، تجعلنا نؤقلم طريقة صناعة الفضاءات، ورفع نسبة المساحات الخضراء. فهناك تفكير في الإستثمار الخاص في المجال، لكن وُجب احترام دفتر الشروط، الذي يكون مضبوط، يراعي عدم تدهور هذه الفضاءات. فالجميع يفكّر في عمليّة ترشيد الأموال وتنويع المصادر، بإشراك الخواص، وهناك فسح لأفكار الشّباب في أن يجعلوا من هذه الفضاءات مهمّة.

أمّا بالنسبة لمجال المحميات، لدينا خطّة عمل مع القطاعات الأخرى، فكنت قد أشرفت يوم 30 أكتوبر على لجنة وطنية للمجالات المحمية، تضمّ 9 قطاعات، التي تعمل على تصنيفها، متمثّلة في نسبة 44 بالمئة، رقم كبير جدّا مقارنة بالمعدّل العالمي.

ماذا عن  الإستثمار في رسكلة النفايات ؟

 صراحة، رسكلة النفايات تعدّ ورشة كبيرة، على كبر مساحة الجزائر، نعوّل عليها كثيرا، قبل الحديث عن الرسكلة، لابدّ التطرّق إلى عملية الجمع أوّلا، فلا رسكلة دون جمع، ثم التدوير والتثمين للحصول على مادة أوّلية.

 الوزارة لديها استراتيجية واضحة جدّا، أوّلا الإسترجاع من المنبع، فالفرز الإنتقائي من المنبع على مستوى المؤسسات وغيرها، يزيد من قيمة النفايات لدى وصولها إلى التثمين. والهدف الأساسي للقطاع هو تصنيع النفايات، ثمّ تحويل المواد العضوية إلى سماد طبيعي.

تبقى عمليّة الفرز الإنتقائي، التي جسّدنا لها خطّة عمل توعوية وتحسيسة بالنسبة للمواطن، سواء على مستوى المدارس في النوادي البيئية، والشراكات مع الأجانب من خلال إعداد برامج في أحياء كبيرة من الولايات، ثمّ التركيز على المجتمع المدني، إلى بعض الأحياء التي يبادر فيها المواطنون، بعملية الفرز الإنتقائي، للتوجّه مباشرة إلى عملية التدوير والتثمين.

تجدر الإشارة كذلك، أنّ العملية خالقة لمناصب شغل كبيرة، لذلك وُجب على الشباب الإنخراط في ذلك، فالمادة الأولية موجودة، خاصّة وأنّ منشآت الردم التقني، بإمكانها فسح المجال أمام الشباب في التعاقدات. فالعملية كبيرة في مجال الإستثمار في الرسكلة، لكن ليست على مستوى طموحاتنا، فهناك نقص في الجمع والفرز، وكذا نقص في تثمين النفايات، إلّا أنّه حاليا نلاحظ انتعاشا خلال الأشهر الماضية، فالطلبات تتزايد، والكثير من الشباب، أنشؤوا شركات في المجال، إذ أحصينا 2900 شركة خاصة بالعملية.

كذلك السلطات المحلية، اليوم، فتحت الأبواب أمام الشباب، في المجال خاصّة وأنّ رئيس الجمهورية كان صريحا في خطابه خلال اليوم الوطني للبلديات، التي يقع على عاتقها، دور دفع عجلة التنمية، وتأطير مشاريعها.

وعليه أرى أنّه من الضروري عدم الحكم على النتائج الآن، فالمواطن المتسبّب رقم واحد في تلوث البيئة، ودون انخراطه في العملية، وإيمانه بها، لا نصل إلى النتيجة المسطّرة، التي تعدّ تشاركية بالدرجة الأولى.

من نفس القسم - صحة وعلوم -