إنعقاد قمة مصرية أردنية عراقية وهذا أبرز ما جاء فيها

وكالات

شهدت العاصمة المصرية القاهرة، أمس، قمة ثلاثية مصرية أردنية عراقية، بمشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين، وعادل عبد المهدي رئيس وزراء العراق، لبحث سبل التعاون والتنسيق والتكامل فيما بين الدول الثلاث، وقضايا الاستقرار الإقليمي.

وأكد القادة أهمية العمل لتعزيز مستوى التنسيق بين الدول الثلاث، والاستفادة من الإمكانات التي يتيحها تواصلها الجغرافي وتكامل مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، بالإضافة إلى الروابط التاريخية والاجتماعية والثقافية بين الشعوب الثلاثة، وذلك لتطوير التعاون بين مصر والأردن العراق في مختلف المجالات، في ظل ظروف دقيقة تمر بها الأمة العربية وتحديات غير مسبوقة يواجهها الأمن القومي العربي.

واتفق قادة القمة على أهمية الاجتماع بصفة دورية لتنسيق المواقف والسياسات فيما بين الدول الثلاث من أجل تحقيق مصالح شعوبهم في الاستقرار والازدهار الاقتصادي وتحقيق الأهداف المشتركة من خلال التعاون وبناء علاقات دولية متوازنة. كما قرر القادة تشكيل فريق عمل لمتابعة أعمال القمة، تحت رعايتهم، لتنسيق أوجه التعاون الاقتصادي والإنمائي والسياسي والأمني والثقافي، كما اتفقوا على معاودة الاجتماع في موعد ومكان يتم الاتفاق عليه فيما بينهم.

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد الصحاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، في تصريح خاص لـ"إندبندنت عربية"، إن زيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي للقاهرة تأتي في سياق دعوة الرئيس السيسي، والرغبة في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين ورفع معدلات الحوار والتنسيق والتواصل بين القاهرة وبغداد، حيث كانت ملفات الأمن ومكافحة الإرهاب والاستثمار وإعادة الإعمار على رأس الأولويات، مشددا على أهمية القمة الثلاثية بمشاركة الأردن، في ضوء الاهتمام العراقي بدعم جهود إعادة الاستقرار في سوريا وبحث المشروعات الاقتصادية المشتركة بين البلدان الثلاثة لإنشاء آلية مستدامة للتنسيق الثلاثي.

مرحلة ما بعد داعش في سوريا

وبحث السيسي وعبدالله وعبد المهدي الأزمات في سوريا وليبيا واليمن وغيرها، وأعربوا عن التطلع لأن تؤدي القمة العربية المقبلة في تونس لاستعادة التضامن وتعزيز العمل المشترك في إطار جامعة الدول العربية. كما أكد القادة أهمية مكافحة الإرهاب بكافة صوره ومواجهة كل من يدعم الإرهاب بالتمويل أو التسليح أو توفير الملاذات الآمنة والمنابر الإعلامية، مشددين على أهمية استكمال المعركة الشاملة على الإرهاب، بخاصة في ضوء الانتصار الذي حققه العراق في المعركة ضد تنظيم داعش الإرهابي، والتضحيات التي بذلها أبناء الشعب العراقي في هذا الإطار، وانتهاء السيطرة المكانية لتنظيم داعش في سوريا.

وبحسب بيان للديوان الملكي الأردني، فقد عقد الزعيمان الأردني والمصري قمة ثنائية سبقت القمة الثلاثية بمشاركة عبد المهدي، حيث جرى بحث عدد من الأزمات التي تمر بها المنطقة ومساعي التوصل إلى حلول سياسية لها، إضافة إلى الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب ضمن استراتيجية شمولية. وذكر البيان أنه فيما يتعلق بالتطورات المرتبطة بالأزمة السورية، جرى التأكيد على أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي لها، يحفظ وحدة سوريا أرضا وشعبا.

ودعا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى استمرار التعاون والتنسيق لهزيمة داعش ومحاصرة قدرته على بث ظلاميته ولتجفيف مصادر تمويله. وقال الصفدي على حسابه على "تويتر" إن "الأردن سيبقى في مقدم الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب وتعرية ظلاميته... آفة لا علاقة لها بحضارة أو دين وتتناقض مع قيم السلام والمحبة واحترام الآخر التي يحملها الدين الإسلامي الحنيف".

وبالتزامن مع انعقاد القمة الثلاثية في القاهرة، أشاد الصفدي بـ"النصر الكبير والهام الذي حققه التحالف الدولي ضد العصابات الداعشية بتكاتف جميع الجهود"، معتبرا في الوقت نفسه أن "استرداد آخر معاقل داعش بسوريا وإنهاء سيطرته المكانية في سوريا والعراق بتضحيات كبيرة لا يعنيان انتهاء التحدي الإرهابي الذي ما يزال يشكل خطرا أمنيا وأيديولوجيا جماعيا".

ومن جانبه، أشار أحمد الصحاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، إلى أن العراق أكد في القمة الثلاثية، وكذا سيؤكد في القمة العربية المقبلة، على موقفه الداعي لعودة سوريا للجامعة العربية باعتبارها دولة عربية رئيسية وعضوا مؤسسا بالمنظمة، فضلا عن قناعة بغداد بأن التواصل مع كل الأطراف العربية، وعلى رأسها سوريا، سيخدم الاستقرار الشامل في سوريا والوعي بالمخاطر والتحديات المشتركة التي تتأثر بها بلدان المنطقة جميعا.

التمسك بـ"حل الدولتين" وعروبة الجولان

واستعرض قادة مصر والأردن والعراق آخر التطورات التي تشهدها المنطقة، مؤكدين عزمهم على التعاون والتنسيق الاستراتيجي فيما بينهم، ومع سائر الدول العربية، لاستعادة الاستقرار في المنطقة، والعمل على إيجاد حلول لمجموعة الأزمات التي تواجه عددا من البلدان العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، ودعم حصول الشعب الفلسطيني على كل حقوقه المشروعة، بما فيها إقامة دولته على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المعتمدة.

وغداة زيارة عبد المهدي للجامعة العربية، وفي إطار التحضير للقمة المقبلة في تونس، عقد السفير محمود عفيفي، المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، مؤتمرا صحافيا، اليوم الأحد، جدد فيه التأكيد على موقف الجامعة الثابت حول عروبة الجولان السوري المحتل. وقال عفيفي إن "قرارات الاجتماعات الوزارية والقمم العربية تؤكد على عروبة الجولان وسوريّته وفقا لقرار مجلس الأمن الصادر 1981، على الرغم من كون عودة مقعد سوريا ليس مطروحا".

وحول بحث القمة العربية لموضوع الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، قال عفيفي إنه "من الممكن في ضوء التطور الأخير الذي حدث أن تطلب دولة عربية إضافة جديد إلى مشروع القرار الخاص بالجولان بناء على ما يستجد".

وأكد ملك الأردن والرئيس المصري أهمية دعم العمل العربي المشترك، وتوحيد المواقف حيال مختلف التحديات التي تواجه الأمة العربية، وعلى صعيد القضية الفلسطينية والقدس، أكد عبد الله والسيسي ضرورة تكثيف الجهود لدعم الأشقاء الفلسطينيين في مساعيهم لنيل حقوقهم المشروعة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية استنادا إلى حل الدولتين ومبادرة السلام العربية. وشدد الملك الأردني على ضرورة وقف التصعيد الإسرائيلي في القدس والانتهاكات ضد المسجد الأقصى المبارك، حسبما ذكر الديوان الملكي الأردني.

كما جدد العراق موقفه الرافض للنوايا الأميركية بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، وأكد أحمد الصحاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أن العراق يعارض وبشدة شرعنة احتلال الجولان السوري استنادا إلى القانون الدولي الذي لا يسمح لأي دولة قائمة بالاحتلال أن تكتسب ملكية أو سيادة على أراضي تحتلها، مشددا على أن القضية الفلسطينية في قلب السياسة الخارجية العراقية وتمثل القضية المبدئية والثابتة في خطاب الدبلوماسية العراقية الهادفة إلى دعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.

وبحسب البيان الختامي للقمة الثلاثية، فقد شدد القادة على دعمهم الكامل للجهود العراقية لاستكمال إعادة الإعمار وعودة النازحين وضمان حقوقه وحقوق مواطنيه التي انتهكتها عصابات "داعش" الإرهابية، التي عدتها قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية.

كما ناقش قادة القمة عدداً من الأفكار لتعزيز التكامل والتعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث، ومن بينها تعزيز وتطوير المناطق الصناعية المشتركة، والتعاون في قطاعات الطاقة والبنية التحتية وإعادة الإعمار وغيرها من قطاعات التعاون التنموي، بالإضافة لزيادة التبادل التجاري وتعزيز الاستثمارات المشتركة وتطوير علاقات التعاون الثقافي فيما بينهم، بحسب البيان الختامي الصادر عن القمة.

وقال محمد أحمد هاشم، المدير التنفيذي لمجموعة "بي تو بي" والمنسق العام للبعثة المصرية للمشاركة في جهود إعادة إعمار العراق في إطار المؤتمر المرتقب الشهر المقبل، في تصريح لـ"إندبندنت عربية" إن "الحكومة العراقية ترى أولوية في مشاركة الشركات المصرية في جهود إعادة الإعمار في العراق نظرا لخبرتها خلال السنوات الأخيرة في تحقيق معدلات إنجاز عالية في المشروعات القومية الخاصة بالبنية التحتية الناجحة في مصر"، مؤكدا أن "الشركات المصرية التي اكتسبت سمعة كبيرة ستكون مدعوة الشهر المقبل للاطلاع على خطة إعادة إعمار العراق بمراحلها المختلفة والتي قدرت من البنك الدولي بقيمة 88 مليار دولار"، مشيرا إلى أن الأولوية بالنسبة إلى المشاركة المصرية تتمثل في شركات المقاولات العامة والإسكان وشركات ومصانع مواد البناء بجميع أنواعها، لافتا إلى الاهتمام الكبير من جانب العراق ومصر بتعزيز التعاون في المجال النفطي في ضوء تطلع القاهرة للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، والتي تتلاقى مع رغبة بغداد في تنويع منافذها لتصدير النفط في ضوء الاحتياطيات الهائلة التي يتمتع بها العراق وتحتل المركز الثالث على مستوى العالم.

فيما أشار أحمد الصحاف، المتحدث باسم الخارجية العراقية، إن بلاده تؤيد تعزيز التكامل في مجال الطاقة مع مصر من خلال مشروع الأنبوب النفطي من البصرة للعقبة بهدف تنويع منافذ تصدير النفط العراقي، وتابع "نؤمن بأهمية وضرورة توسيع الشراكات الاستراتيجية المتعددة بما يتيح فرصا جديدة للاستثمار والازدهار الاقتصادي تنسجم مع مرحلة ما بعد داعش ومرحلة إعادة الإعمار والتمكين ليكون العراق منصة توازن وقاعدة اقتصادية في المنطقة ونقطة تلاقي وليس تنازع بين المصالح الإقليمية".

من نفس القسم - أخبـار الوطن -