من مصانع "نفخ العجلات" الى مخابر "نفخ الأنسولين"!!

الجزائر/محمد.ق

يستعمل في كثير من الأحيان المثل القائل "مصائب قوم عند قوم فوائد".. المقولة الشهيرة للمتنبي.. وهو ما ينطبق حقيقة على حال قطاع "تصنيع" الدواء بشكل عام بالجزائر وصناعة الأنسولين بشكل خاص، على اعتبار أن سوق الأخيرة محتكر من طرف بعض الشركات الأجنبية التي باتت تستثمر في معاناة ما يزيد عن 4 مليون مريض جزائري، وتستنزف الملايير من الخزينة العمومية سنويا.

فبعد مهزلة نفخ العجلات التي قطفت رؤوس عدد معتبر من المسؤولين ورجال الأعمال البارزين في مجال ما يسمى مصانع تركيب السيارات، هاهي فضيحة جديدة تطفو على السطح، وتزيح الستار عن عصابة أخرى شبعت بطونها من أموال الشعب الجزائري بغير حق، وهو ما سنتطرق الى تفاصيله في هذا المقال.

"500 مليون أورو" سنويا هو المبلغ الذي تلتهمه الشركات التي تبيع الأنسولين للجزائر، ويتعلق الأمر بـ 3 مخابر اجنبية هي المخبر السويدي "نوفونورديسك"، الفرنسي "صانوفي أفرتيس"، والأمريكي "إيلي ليلي"، فبعد سنوات من تسبب المخابر في خسائر بالملايير من الدولارات للخزينة العمومية، ولضمان سيطرتها على سوق الأنسولين بالجزائر، احتكمت إلى حيلة تشييد "مصانع" لانتاج الأنسولين محليا بنفس الأسلوب الذي اعتمدته مصانع "نفخ العجلات" من أجل الضغط على الدولة الجزائرية لتوقيف استيراد هذه المادة.

الشركات التي أقامت مصانع تزعم من خلالها أنها تصنع "أنسولين جزائرية" لكنها للأسف باعت الوهم للجزائريين، ففي الواقع حالها كحال مصانع "نفخ العجلات" التي تبين فيما بعد أنها مجرد كذبة لأصحابها الذين كانوا يستوردون سيارات شبه جاهزة ويقومون بتركيب أجزاء بسيطة ومحدودة جدا ثم يطلقون عليها اسم "سيارات جزائرية"، الأمر الذي انطبق فعلا على صناعة الأنسولين في بلادنا، حيث استغلت الشركات الأجنبية حالة التسيب التي كانت تعرفها وزارتي الصناعة والصحة أنذاك لتقوم باستيراد القلم على شكل حقنة وكذلك علبة سائل الانسولين جاهزة وتعمل على جمع المستلزمات، غير أنها في الواقع المسطر كان منتظرا أن تقوم بتصنيع "الأقلام" وسائل الانسولين في الجزائر.

ولعل ما يحير ويؤسف في ذات الوقت ان سعر المنتوج يكلف الدولة 90% من سعره الاجمالي بمعنى ان هذه المخابر لم تحقق النتائج التي ارادتها الدولة ولم تخفف من نزيف العملة الصعبة، عدا بقائها متحكمة في السوق.

وما يخيب الظن أكثر، ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية في مقال لها يوم 6/01/2020، حول مشروع اطلاق مصنع لإنتاج "الأنسولين بالشراكة بين مخبر "نوفورونديسك" و"صيدال" قالت أنه سينطلق في الانتاج هذه السنة، وهو الأمر المجانب للصواب، حيث أن المصنع السالف ذكره تعود ملكيته لمخبر نوفونورديسك" بنسبة 100% والحقيقة ان المصنع الذي تحدثت عنه وكالة الانباء لم تنطلق اشغاله بعد، لان العقار الذي خصص لإنجازه غير جاهز، ما يدفع المرء للتساؤل عن التلاعبات الكبيرة للمخابر الأجنبية "المنتجة" للأنسولين في الجزائر وعدم التزامها بتصنيع كامل لهذه المادة وكذا حول من يقف وراء استنزاف العملة الصعبة من خلال عمليات الغش هذه.

من نفس القسم - صحة وعلوم -