ودعم ماتيي (1906- 1962) دعم جبهة التحرير الوطني والحكومة الجزائرية المؤقتة، وقد تجلت مساعدته خصوصا في مفاوضات إيفيان في الشق المتعلق بالمحروقات، وآمن بقوة باستقلال الجزائر وتمنى زيارتها وفق ما أكد السفير الإيطالي بالجزائر، جيوفاني بونييزي.
وتوفي ماتيي شهرين بعد استقلال الجزائر في حادث تحطم طائرة في ظروف غامضة، و لم يتم لحد اليوم الكشف عن ملابسات وفاته.
أسس ماتيس شركة "إيني" الايطالية الشهير للمحروقات، في عام 1953 ليحرر بلاده من هيمنة الشركات النفطية الكبرى.
سريعا نافس تلك الشركات في دول العالم الثالث، عندما فرض صيغة أن يأخذ البلد المالك 75% من الأرباح وتحصل الشركة النفطية على 25 %، وقد وقع على هذا المبدأ عقودا في إيران وليبيا ومصر ودول إفريقية أخرى، وهو ما جلب له سخط الشركات النفطية المحتكرة ومخابرات دولها.
أنشأ أنريكو علاقات وطيدة مع ممثلية جبهة التحرير الوطني بروما والتي كان يرأسها آنذاك الطيب بولحروف. أتاحت له هذه العلاقة فرصة اللقاء بالعديد من قادة الثورة في كل من روما وميلانو و سويسرا والقاهرة و كان من هؤلاء الذي التقى بهم انريكو مايتي : بن يوسف بن خدة – أحمد بومنجل – امحمد يزيد- محمد الصديق بن يحي و عبد الحفيظ بوصوف.
بعث انريكو ماتي أقرب معاونيه و هو ماريو بيراني Mario Piraniو هو صحفي بجريدة Republica إلى تونس في جانفي 1962 لإجراء لقاءات مع عبد الحفيظ بوصوف و كريم بلقاسم و محمد الصديق بن يحي و لمناقشة القضايا السياسية و الاقتصادية و لاسيما قضية المحروقات مع أعضاء وزارة التسليح و الاتصالات العامة المكلفين بملف المحروقات و منهم محمد خلادي رضا مالك و قاصدي مرباح و محمود حمرا كروها ( وهو شخصية مهمة سأتناولها في منشور مستقل).
لعب دورا مهما في توجيه المفاوضين الجزائريين في اتفاقيات إيفيان وتزويدهم بالمعلومات والبيانات والقوانين الدولية في مجال المحروقات، وهو ما عزز موقعهم التفاوضي وأدهش الفرنسيين الذين رفضوا في البداية التطرق إلى مسألة المحروقات في الصحراء الجزائرية واعتبارها خارج مجال المفاوضات.
وبناء على ذلك قدم الوفد الجزائري المفاوض ستة نقاط أساسية و هي: السيادة الكاملة للدولة الجزائرية على كل الثروات النفطية و المعدنية بما فيها الباطنية.
• احلال الدولة الجزائرية للدولة الفرنسية في جميع الأصول التي تحتفظ بها في الشركات العاملة
• لا يجوز تنازل جديد للبحث والاستكشاف والاستغلال.
• لا يجب إحداث أية تعديلات في الأسعار المرجعية للنفط والغاز.
• لا يجب إجراء أي تغيير على رأس المال في الأصول من أسهم الدولة الفرنسية
• لا يجب إدخال أية تغييرات على معدل الضرائب الموجود سابقا.
وفي 27 اكتوبر 1962 (أي بعد أسابيع من استقلال الجزائر )، تعرض ارنريكو مايتي إلى حادث تحطم طائرته التي كانت متجهة من كاتانيا بصقيلية نحو مطار ميلان حيث دهب ضحيتها مايتي رفقة قائد الطائرة Irnerio Bertuzzi و الصحفي الامريكي ويليام مكهال William McHale من جريدة Time-Life .
يرجح الكثير أنها عملية اغتيال مدبرة من طرف المخابرات الفرنسية في المقام الأول بالتعاون مع المافيا الإيطالية، بهدف إخفاء الرجل من المشهد، و إبقاء الهيمنة على ثروة النفط الجزائرية بيد المحتل وما يستتبع ذلك من احتلال اقتصادي.