مظاهرات الــ 11 ديسمبر 1960.. المنعرج الحاسم في الثورة التحريرية

يجمع المؤرخون أن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 تعد "منعرجا حاسما" في مسار الثورة التحريرية الجزائرية لتمكنها من إجهاض مخطط الرئيس الفرنسي شارل ديغول،الذي كان يهدف إلى جعل الجزائر فرنسية في إطار فكرة الجزائر- جزائرية.

وتعد هذه المظاهرات التي نحيي ذكراها الـ62 كانت منعرجا حاسما في كفاح الشعب الجزائري المرير من أجل الاستقلال، حيث مكنت جبهة التحرير الوطني التي قانت تقود الكفاح على الصعيد الدبلوماسي من عزل فرنسا على الساحة الدولية ومن ثم التأكيد على حق الجزائر في تقرير المصير.

كما كانت تلك المظاهرات بمثابة "انفجار بركاني" ضد جميع الاستفزازات الرامية إلى القضاء على هوية الشعب الجزائري و جعل الجزائر قطعة من فرنسا.

و من بين الاستفزازات مطالب "الأقلية الفرنسية" بجعل الجزائر-فرنسية، لا سيما خلال المظاهرات التي قامت بها سنة 1960.

وقد قوبلت زيارة الرئيس الفرنسي شارل ديغول لمدينة عين تموشنت بشعارات "الجزائر مسلمة" أو"الجزائر مستقلة" و"الجزائر حرة مستقلة" وهي شعارات منافية لمشروعه الرامي إلى إقناع الجميع أن الجزائر جزائرية بكل مكوناتها أي من مسلمين وفرنسيين وذلك بناء على معلومات خاطئة زود بها قبل زيارته من خلال تقارير أوهمته بنجاح مشروعه.

و قد توالت المظاهرات من تاريخ ال 9 ديسمبر ،لتتوج بمظاهرات شعبية قادتها جبهة التحرير الوطني عبر فيها الشعب الجزائري يوم 11 ديسمبر 1960 بكل من الشلف "الأصنام سابقا"، تيزي وزو، بجاية وشرشال وغيرها عن التفافه حول الثورة ومطالبا بالاستقلال التام.

فبدلا أن تهتف الجماهير الجزائرية بحياة ديغول وسياسته راحت تهتف من أعماقها بحياة الجزائر المستقلة و بحياة جبهة التحرير الوطني و فرحات عباس و بن بلة.

و كان لرفع الراية الوطنية وقعا كبيرا على الفرنسيين، مما أدى إلى إطلاق النار على المتظاهرين مما ادى الى تأجيج هذه المظاهرات. حيث أوردت مصادر تاريخية الكلمة التي قالها المندوب العام لفرنيا "موران" على مسامع ديغول بالقول  إن "الجزائر تحترق والمظاهرات في كل المدن والقرى والأرياف، المسلمون يريدون الاستقلال، لقد صمم الشعب الجزائري على الاستقلال وتلاحم مع قيادة جبهة التحرير الوطني".

وبذلك كانت مظاهرات 11 ديسمبر التي كانت تحت مرأى الاعلام العالمي والصحفيين الذين رافقوا ديغول في زيارته بمثابة "استفتاء شعبي"على الاستقلال، ومكنت تلك المظاهرات، من إيصال القضية الجزائرية إلى كل ربوع العالم بفضل الصحافة الدولية التي جاءت لتغطية زيارة الرئيس الفرنسي.

وفي ذلك الوقت، نقلت الصحافة الدولية عن هذه الأحداث، لاسيما ما كتبه الصحفي البريطاني ادوارد بورن (وكالة رويترز، و جريدة التايمز البريطانية) الذي كان شاهد عيان، خصص صفحتين في كتابه حول مظاهرات 11 ديسمبر ، تميزت "بالحكمة" و الموضوعية إذ وصفها هذا الصحفي البريطاني ب" الانتفاضة الشعبية " في المدن ضد سياسة ديغول وزيارته.

كما اعتبر إن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 كانت بمثابة "خيبة أمل كبيرة بالنسبة للفرنسيين"، لا سيما بعد فشل فرنسا في معركة ديان بيان فو بالهند الصينية.

كما أن الجزائريين في هذه المظاهرات تمكنوا من إسماع صوتهم إلى الأمم المتحدة "بتأكيدهم بأننا جزائريين و لسنا فرنسيين" حيث أصبح الوفد الجزائري في الأمم المتحدة أهم وفد من بين مختلف الوفود.

من نفس القسم - صحة وعلوم -