
ليبيا.. هدم مدينة أثرية تعود للقرن السابع قبل الميلاد من أجل بناء محلات تجارية
لا تهدأ حركة الجرافات داخل الموقع الأثري للمدينة الإغريقية "يوسبريدس" في بنغازي الليبية، وهي الملقبة بــ"المدينة السفلى" ويعود تاريخها لأواخر القرن السابع قبل الميلاد، على رغم المطالبات المتكررة لمراقبة الآثار بوقف هذا الاعتداء الذي وصفته بـ"الجريمة في حق الإرث الحضاري" واعتبرته "مساساً بالأمن القومي للدولة الليبية".
ووصف المتخصص القضائي في مركز الخبرة القضائية بوحدة الآثار عبدالحفيظ فرج المسلاتي ما يحدث الآن في الموقع الأثري "يوسبريدس" بـ"الجريمة الجنائية" و"السلوك الإجرامي"، منوهاً بأن عدداً من المنظمات المحلية والعربية والدولية، على رأسها منظمة "يونيسكو"، طالبت مراراً بوقف العبث بمدينة بنغازي لكونها واحدة من بين خمس مدن أنشئت منذ نحو 601 قبل الميلاد.
ويرى المسلاتي أن مسح هذا الموقع الأثري هو بمثابة مسح لتاريخ بنغازي، حيث كان من المقرر أن تنفذ بها الجمعية الليبية الإنجليزية عدداً من المقترحات لكونها مدينة تاريخية من الطراز الأول، لكن الفساد المالي هو المتسبب الرئيس في الكارثة الحالية.
رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية جمال الفلاح أكد في تصريح للأندبندنت البرطالنية أن رائحة صفقة مالية فاسدة مدعومة سياسياً تقف وراء تدمير هوية مدينة بنغازي وأوضح أن "ما يحدث من جرف لمدينة بنغازي القديمة ومعالمها التاريخية جريمة من قبل تيار قبلي متنفذ في المدينة، وهو على علم بأهمية هذا الإرث التاريخي والحضاري، وما يحدث من هدم لمدينة يوسبريدس الأثرية وغيرها من المعالم القديمة بهذه الطريقة وراءه صفقة فساد مالي هدفها تشييد مشاريع تجارية تحت ذريعة إعادة الإعمار، إذ إن هذه المنطقة تعتبر من أفضل المناطق في مدينة بنغازي لأنها مطلة على البحر، فالأمر لا يعدو أن يكون سوى صفقة مشرعنة".
يذكر أن عدداً من المواقع الأثرية والمعالم السياحية تعرضت منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 للتدمير والنهب على غرار موقع صبراتة الأثري بسبب أعمال القتال بين المجموعات المسلحة.
ويوجد في ليبيا عدد من المواقع الأثرية والمعالم السياحية المدرجة على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) لقيمتها العالمية، من بينها آثار لبدة الكبرى وصبراتة التي تشتهر بمسارحها الرومانية وجبال أكاكوس الواقعة في عمق الصحراء الجنوبية بالقرب من الحدود مع الجزائر وغيرها من المواقع الأثرية والمعالم التاريخية التي تفتقر إلى الدعم المالي بسبب الانقسام السياسي الذي يعصف بالبلد.