لأول مرة.. لعقاب يرد على محللين اخترقوا الرأي العام

في ظل الحديث الكثير حول انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية، "اجتهد" الكثير من الكتاب من هنا وهناك في سرد بعض "الحقائق" التي تخص فترة الانتخابات الرئاسية السابقة، وكل حسب أهوائه وحسب "مصالحه"، وكخطوة لوضع حد لكل التأويلات وتوضيح تلك الاجتهادات "الخاصة" في تناول موضوع شرعية عبد المجيد تبون كرئيس للجمهورية ومدى نزاهة الانتخابات التي أتت به إلى قصر المرادية، ولأول مرة، خرج مدير الاعلام في حملته الانتخابية آنذاك الأستاذ محمد لعقاب عن صمته وأخرج للعلن حقائق "غُيّبت" عمدا عن الرأي العام. 

وكتب الاستاذ الدكتور محمد لعقاب للجزائر الآن، كأول تدخل له لتوضيح بعض المسائل المثارة عبر التدخلات والكتابات المختلفة حول بعض النقاط التي قال انها كادت تصبح في المخيال الجماعي، مع مرور الوقت من شدة التكرار وكأنها هي “الحقيقة المطلقة”، وهو ما يعاكس الواقع تمام.

وقال لعقاب إن بعض المحللين تجاوزوا المدى، لذلك أصبح من الضروري توضيح أهم النقاط التي جرى التركيز عليها منذ مدة زمنية وبعض النقاط المثارة حديثا.

الرئيس تبون غير شرعي ورئاسيات 12 ديسمبر 2019 مزورة

وأوضح الدكتور أن كثيرا من الكتاب والمحللين والمؤثرين الذين يسوقون أنفسهم أوصياء على الديمقراطية وعلى الجزائر يركزون بأن الرئيس تبون غير شرعي وأن رئاسيات 12 ديسمبر 2019 كانت مزورة. مؤكدا أن هذا التوصيف ليس في جوهره سوى “دعاية” لتشويه صورة الرئيس تبون ومن ورائه صورة الجزائر، ذلك أن المتتبعين لمجرى رئاسيات ديسمبر 2019 لاحظوا كيف أن المترشح عبد المجيد تبون هو الذي كان مستهدفا، وكانت هناك محاولات لتوجيه نتائج الانتخابات ضده، سواء بإرسال إشارات بأن الأمور أصبحت محسومة لصالح منافسيه، أو باستباق إعلان السلطة المستقلة للانتخابات للنتائج والتسويق على أن الانتخابات تتجه نحو الدور الثاني، وكل ذلك بالنسبة للعارفين، كان يدخل في سياق السعي لقطع الطريق على فوز المترشح عبد المجيد تبون.

واستغرب لعقاب أن هذا الادعاء غير الصحيح بعدم شرعية الرئيس تبون، يأتي من أولائك الذين كانوا يقفون ضد “الحل الدستوري” أي ضد الانتخابات أصلا، وقد تبنوا حلولا “غير دستورية” تحت مسمى مرحلة انتقالية، عبر “مجلس تأسيسي” أو “حكم فدرالي” وغيرها من الحلول، ومنه يمكن القول، أن انتصار الحل الدستور خلال مجريات الحراك الشعبي، ثم فوز الرئيس تبون برئاسيات ديسمبر 2019 كان ولا زال “غصة” بالنسبة لأنصار الحلول غير الدستورية، ولم يبق لديهم سوى الادعاء بأن “الرئيس تبون غير شرعي” ويسعون لثنيه عن الترشح لعهدة ثانية، يضيف لعقاب.

وبالمختصر، أكد لعقاب أن "الرئيس عبد المجيد تبون، فاز برئاسيات 2019 بشرعية كاملة غير منقوصة، وبمشاركة شعبية معتبرة في بيئة صعبة، وليس المجال لسرد التفاصيل".

 محاولة التشويش على رئاسيات 2024

أما الادعاء الآخر، الذي تحدث فيه لعقاب، فيتمثل في محاولة التشويش على رئاسيات 2024، معتبرا ان ذلك "سعي مسبق لقطع الطريق على الرئيس تبون في حال ما إذا قرر الترشح لعهدة ثانية، من خلال التسويق لعنصرين، يتمثل الأول، مثلما كان خلال رئاسيات 2019، وحتى ما قبلها، في أن الانتخابات تهدد الوحدة الوطنية، من غير التوضيح سبب هذا الحكم، باستثناء الإشارة إلى منطقة القبائل، وهذا حكم مبالغ فيه بنسبة هلوسية، لأن نسبة المشاركة في هذه المنطقة ضعيفة منذ وقت طويل رغم تباين الأسباب، منها الضغط الإعلامي الذي يمارسونه عليها".

ويقول الدكتور لعقاب إنه "ومن باب “الإستشراف السياسي”، تصوّر بعض الكتاب أن رئاسيات 2024 ستكون أخطر من رئاسيات 2019 التي جرت في عز الحراك الشعبي، وهذا توقع، لكن لا يمكن أن نتوقع بدون الإستناد لعناصر موضوعية من الوقائع والمعطيات".

وواصل موضحا "ومن باب الإستشراف السياسي أيضا، يحق لنا القول أن أخطر مرحلة عاشتها الجزائر، بعد مرحلة الإرهاب، هي حراك 2019، حيث كادت الجزائر أن تعيش “السودنة” قبل “سودنة السودان” عام 2023، لكن بفضل السياسيين المتمسكين بالحل الدستور كمخرج آمن للأزمات، وبفضل تبني مؤسسة الجيش هذا الخيار، تمكنت البلاد من تجاوز واحدة من أخطر أزماتها منذ الإستقلال بما فيها سيناريو “السودنة”.

يدعون أن الرئيس تبون لم يحقق نتائج كبيرة خلال أقل من 4 سنوات

وبالنسبة للمحللين، الذين يدعون أن رئاسيات الحراك لم تحقق نتائج تذكر، في إشارة إلى أن الرئيس تبون لم يحقق نتائج كبيرة خلال أقل من 4 سنوات من عمر عهدته الرئاسية 2019-2024، يرد بعقاب على هؤلاء بأنه "وبناء على ما سبق قوله من أن الحراك الشعبي كان واحدا من أخطر أزمات البلاد، يمكن القول أن أهم إنجاز للرئيس عبد المجيد تبون هو ترشحه لرئاسيات 2019 انتصارا للحل الدستوري، وبفضل ذلك تمكنت البلاد من تجاوز أزمتها الخطيرة. حيث تم تسيير الأزمة بشكل أفضل من دول عديدة.

ثم إن الإنجازات التي تحققت، -يضيف لعقاب- يجوز لكل مواطن أن يقرأها من الزاوية التي يريد، لكن لا يصح أن نسلب الرئيس حقه من المكتسبات، حتى أن الرئيس نفسه عاتب كثيرا من الوزراء، بقوله “فيهم وعليهم”. ومن وجهة نظره، -يواصل لعقاب رده- فإن هناك مكتسبات جليلة تحققت في عهد الرئيس تبون، ويمكن مناقشتها مع الجميع بأعصاب باردة، لا أريد العودة لتعديل الدستور وتعديل القوانين، ومكاسب الطبقات الاجتماعية المختلفة، والمستفيدين من عمليات الترسيم والتوظيف، وغيرها، إنما أريد التركيز على بعض المكتسبات التي لا تقدر ماديا بالنسبة إلي وبالنسبة للمحللين الموضوعيين، ولعل أهمها ما يلي:

– تعزيز مكانة اللغة الإنجليزية في المنظومة التربوية والجامعية، بما يمنح للتلميذ والطالب وسيلة هامة للانفتاح على المعارف وعلى العالم، بعدما كان الجزائري أسيرا للغة أجنبية واحدة.
– السعي للإنضمام إلى مجموعة البريكس، بما يكسر الطوق المضروب على بلادنا في العلاقات الدولية لسنوات طويلة.
وأنا شخصيا أتمنى، أن لا نقف عند مجموعة البريكس، بل نعمل على الإنضمام إلى مجموعة شانغهاي للتعاون بصفة شريك في الحوار.
– تحقيق مكاسب كبيرة في التجارة الخارجية، حيث لأول مرة في تاريخ الجزائر تخطت البلاد حاجز 800 مليون دولار، لتصل قيمة صادرات الجزائر خارج المحروقات نحو 7 مليار دولار بنهاية 2023، وهناك رهان لبلوغ 15 مليار دولار بنهاية 2024، خاصة أن العوامل المشجعة على ذلك متوفرة أبرزها دخول المنطقة الحرة الإفريقية مجال العمل، وإنهاء أشغال الطريق العابر للصحراء، وفتح خط بحري مباشر مع كل من السينغال ونواكشوط، وفتح الطريق الرابط بين تندوف والزويرات الموريتانية، وغيرها وكل هذه العوامل وغيرها مشجعة على التصدير لأنها تقلص تكلفة نقل البضائع من جهة، وتقلص مدة وصول البضائع للجهات المقصودة في بلدان الساحل وبلدان غرب إفريقيا.

بدون أن ننسى الشروع في فتح فروع لبنوك جزائرية في بعض البلدان الإفريقية، وفتح خطوط جوية مباشرة مع بعض بلدان القارة.

– التركيز على البعد الإفريقي للجزائر، لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية واستراتيجية، فالهيئة الجزائرية للتعاون الدولي التي صب في حسابها الرئيس 1 مليار دولار، لديها هدف استراتيجي، فمن خلال المساهمة في تنمية بعض بلدان القارة الفقيرة، يمكن تطويق الجماعات الإرهابية والهجرة غير الشرعية والتهريب وغيرها، ومن خلالها يمكن أيضا تطويق سعي بعض الدول على غرار إسرائيل من التوغل في هذه الدول من باب المساعدات.

ومن خلال المساهمة في تنمية بلدان القارة لاسيما الفقيرة منها، تصبح الجزائر في موقع أفضل للمطالبة بتمثيل القارة بمقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.

وختم الاستاذ لعقاب مقاله بالقول "في المحصلة، يتعين علينا، أن نعطي كل ذي حق حقه، بدون تهويل ولا تهوين، وبدون تضخيم ولا تقليل، وبدون تجاوز للمدى".

من نفس القسم - سيـاســة وأراء -