تورّط سياسيين ورجال أعمال.. قضية "إيسكوبار الصحراء" تهزّ المملكة المغربية

محمد.ب/وكالات

تعيش المملكة المغربية على وقع فضيحة مدوية أصبحت حديث وسائل الإعلام في المغرب والعالم، بعد كشف جماعة إجرامية دولية مختصة في التهريب الدولي للمخدرات تضم حوالي 20 شخصًا، من بينهم أفراد في الشرطة، وموظفون إداريون، ورجال أعمال، ومسؤولون في قطاعي العدل والسياحة.

وأعلنت النيابة العامة في الدار البيضاء، إيداع 20 شخصاً السجن في هذه القضية، في ارتباط بالتحقيقات المتواصلة في واحدة من أكبر شبكات الاتجار الدولي في المخدرات، فَجَّر تفاصيلها بارون مالي يعرف باسم “إسكوبار الصحراء”. 

ومن أبرز المتورطين سعيد الناصري، الرئيس والممول الرئيسي لنادي الوداد البيضاوي، أنجح نادي كرة قدم في المغرب. أما الآخر، عبدنبي بيوي، وهو رجل أعمال وأحد الأسماء الكبيرة في مجال البناء والعقارات في البلاد، وهما قياديان في حزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الائتلاف الحكومي بالمغرب.

واستغلت هذه المجموعة مقلعا للأحجار يتواجد على مستوى طريق وجدة في اتجاه السعيدية مكانا لمناقشة تفاصيل مخططات تهريب المخدرات، التي تستعمل إلى جانب سيارات الدفع الرباعية البواخر أحيانا.

ضلوع سياسيين مغاربة في شبكة اتجار دولية لتهريب المخدرات.

وتفيد التسريبات من هذا الملف، الذي تتابع فيه رؤوس كبيرة في عالمي السياسة والرياضة، بكون الشبكة وظفت جميع الإمكانيات، من سيارات وبواخر وطائرة مسيرة مزودة بكاميرا للمراقبة، لتسهيل تهريب المخدرات، مخترقة الحدود المغربية الجزائرية.

وقد فُتحت هذه القضية بناء على اتهامات وجهها المدان الرئيس في القضية "المالي" في قضية اتجار دولي في المخدرات للناصري، بحسب تقارير إعلامية.

ويتعلق الأمر بـ"بارون مخدرات" يلقب بـ "إسكوبار الصحراء" وأيضا بـ"المالي" لكونه ينحدر من دولة مالي، اعتقل في المغرب سنة 2019 وحكم عليه بالسجن عشر سنوات في قضية "اتجار دولي في المخدرات".

وتتراوح التهم العديدة الموجهة ضد المسؤولين المغاربة بالاتجار الدولي بالمخدرات وتشكيل عصابة إجرامية، غسل الأموال والسرقة وتزوير الوثائق الرسمية.

من هو "إسكوبار الصحراء"؟

تاجر مخدرات كبير يلقب بـ"إسكوبار الصحراء"، واسمه الحاج أحمد بن إبراهيم، مولود سنة 1976 في كيدال بمالي، من أم مغربية وأب مالي.

وتقول مجلة "جون أفريك"، إنه تاجر المخدرات المنحدر من دولة مالي الذي جر شخصيات مغربية مرموقة في عالم الرياضة والسياسة، في ليلة الجمعة الماضي إلى سجن عكاشة بالدار البيضاء، في ملف ثقيل بدأ قبل 13 سنة، وفجره بارون المخدرات في الأشهر القليلة الماضية، بعدما أمضى أربع سنوات من التفكير في زنزانة سجنه بالجديدة، حيث يمضي عقوبته منذ عام 2019.

وتضيف المجلة أن الحياة التي عاشها الحاج أحمد بن إبراهيم "بسيطة مثل أي ابن لراعي إبل"، لكن الصدفة لعبت دورها حين "لقائه بمشاركين في رالي باريس دكار، لـيشق طريقه، بتعميق معرفته بالصحراء، بضبط لهجات الأزاواد والتعرف على القبائل والوقوف على تفاصيل الساحل الإفريقي، ليتمتع بذلك بمقومات قليلا ما تجتمع في شخص واحد، ومكنته من وضع يده على مناطق واسعة من المنطقة".

المصدر نفسه أشار إلى أن "إسكوبار الصحراء" تمكن بسرعة من الانتقال إلى مستوى ثان من العمل باستغلال معرفته بالصحراء في تجارة المخدرات، حيث بدأ في استعمال الطائرات الصغيرة لنقل الكوكايين في البداية من أمريكا اللاتينية إلى الغرب الإفريقي، وكوت ديفوار والسنغال وغينيا بيساو وسيراليون، كما تمكن من تحويل كميات من هذه المخدرات سواء برا عبر مالي والنيجر والجزائر وليبيا ومصر، أو بحرا عبر السواحل المغربية ثم أوروبا، ويصبح بذلك بسرعة واحدا من أكبر تجار المخدرات في القارة.

وتضيف المجلة في تقريرها أن التجارة الدولية للمخدرات فتحت أعين "إسكوبار الصحراء" على العالم وبدأ يعيش حياة الأثرياء، تزوج بابنة مسؤول عسكري بوليفي كبير، وربط علاقات مع نساء في كل بلدان عمله، يقال إن له ابنا في كل بلد، ووسع ممتلكاته بشراء جزيرة خاصة في غينيا وشقق في البرازيل وأراض في بوليفيا.

وحسب "جون أفريك"، فإن توسيع قائمة الممتلكات قادت "إسكوبار الصحراء" إلى المغرب في العام 2010 ليشتري فيلا فاخرة في الدار البيضاء وشققا في مدينة السعيدية.

وظل ملف "إسكوبار الصحراء" في حالة جمود منذ اعتقال "المالي" عام 2019،إلى أن فكر في الانتقام من شركائه بعدما اتهمهم بتدبير مكيدة له والاستيلاء على ممتلكاته إثر دخوله السجن.

وقرر "اسكوبار الصحراء"، تقديم شكاوى ضد قائمة من الأسماء تضم شخصيات عامة في البلاد، في مقدمتهم عبد النبي بعيوي رئيس الجهة الشرقية للمغرب وأحد أبرز قادة حزب الأصالة والمعاصرة المُشارك في الائتلاف الحكومي، وسعيد الناصري، رئيس الوداد والقياد البارز في حزب الأصالة والمعاصرة.

وكشفت صحيفة "جون أفريك"، أن السياسيين المغاربة المتورطين في القضية، تعاونوا مع "اسكوبار الصحراء" منذ 2010 لنقل أزيد من 40 طن من المخدرات من سواحل مدينة السعيدية المغربية نحو باقي بلدان القارة الإفريقية.

من نفس القسم تعـاون دولـي