المغرب تجاوز مرحلة التطبيع وأصبح أداة "طيعة" في يد الكيان

حذر السياسي المصري عمرو موسى ( الأمين العام لجامعة الدول العربية، و وزير الخارجية المصري السابق)، من أن المغرب لا يكتفي بتطبيع علاقاته مع إسرائيل، بل يسير نحو “التبعية الكاملة” للكيان الصهيوني، وصهينة خطيرة لكل مؤسسات الدولة، وهو ما اعتبره تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة بأسرها.

وفي مقال له، قال موسى إنه "صحيح أن الإمارات والبحرين تجاوزتا مرحلة التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى تحالف معلن، لكن الخطر الذي يواجه المغرب أكثر تعقيدًا وأشد عمقًا".

واكد عمرو موسى أن المغرب يشهد “عملية صهينة خطيرة” تمتد عبر مختلف مؤسسات الدولة، من التعليم والاقتصاد إلى التعاون العسكري والديني. وأشار إلى مشروع يمنح الجنسية المغربية لضباط إسرائيليين من أصول مغربية، ما يتيح لهم تولي مناصب حساسة ويمنحهم حرية التنقل داخل دول الجوار بصفتهم مغاربة، وهو ما يمثل خطرًا استراتيجيًا على أمن المنطقة.

كما سلط الضوء على قانون جديد يتيح لليهود المغاربة استرجاع ممتلكاتهم، حيث صدرت قرارات قضائية بإخلاء مواطنين مغاربة من منازلهم وأراضيهم لصالح يهود كانوا يقيمون في البلاد سابقًا، مما أثار مخاوف كبيرة حول تداعيات هذه الخطوة على النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمملكة.

وفيما يتعلق بالتعاون العسكري، كشف موسى عن إنشاء “قاعدة عسكرية إسرائيلية” في المنطقة الفاصلة بين مدينة مليلية والحدود الجزائرية، معتبرًا ذلك استفزازًا خطيرًا للجزائر وإسبانيا على حد سواء. كما أشار إلى مشاركة 5000 جندي مغربي في الحرب على غزة، إلى جانب تزويد إسرائيل بأسلحة مغربية تُستخدم في العدوان على الفلسطينيين.

وفي خطوة وصفها بالمقلقة، كشف موسى عن صفقة بلغت قيمتها مليار دولار دفعها المغرب لحكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان الأخير على غزة، مقابل شراء قمر صناعي تجسسي. كما أشار إلى أن الرباط، خلافًا لموقف إسبانيا التي رفضت استقبال سفينة حربية إسرائيلية، سمحت للسفن الإسرائيلية بالتزود بالوقود والطعام في ميناء طنجة.

واختتم موسى تصريحاته بانتقاد شديد للنظام المغربي، معتبرًا أنه أصبح “أداة طيعة” في يد إسرائيل، حيث يستغل قضية الصحراء الغربية لتبرير اتفاقيات التطبيع والتعاون العسكري، متسائلًا بسخرية عن التناقض بين الخطاب الرسمي المغربي الداعم للقضية الفلسطينية، وبين الواقع الذي يعكس تعاونًا متزايدًا مع الاحتلال الإسرائيلي.

وفيما يلي نص المقال كاملا: 

صحيح أن الإمارات والبحرين تجاوزتا مرحلة التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى تحالف معلن، لكن الخطر الذي يواجه المغرب أكثر تعقيدًا وأشد عمقًا.
في المغرب، تجري عملية صهينة ممنهجة تشمل مختلف مؤسسات الدولة، من الجامعات والمعاهد إلى القطاعات الاقتصادية والعسكرية، وحتى المجال الديني. لكن الأخطر من ذلك هو مشروع منح الجنسية المغربية لجنود وضباط إسرائيليين بحجة أنهم من أصول مغربية. هذا المشروع يشكل تهديدًا مباشرًا ليس فقط للمجتمع المغربي، بل أيضًا للدول المجاورة، إذ يفتح الباب أمام هؤلاء الضباط للوصول إلى مناصب عليا داخل البلاد، فضلًا عن إمكانية اختراق دول الجوار كمواطنين مغاربة.
كما أقرّت السلطات المغربية قانونًا يسمح لليهود المغاربة باستعادة ممتلكاتهم، مما أدى إلى إصدار محاكم مغربية عدة أوامر بطرد مغاربة من بيوتهم وأراضيهم الزراعية بحجة إعادتها إلى "أصحابها الأصليين".
ما يحدث في المغرب اليوم يتجاوز التطبيع التقليدي، فالعلاقات المغربية-الإسرائيلية ليست جديدة، بل تعود إلى ستينيات القرن الماضي. لكن التحولات الأخيرة نقلت العلاقة من التطبيع إلى التحالف، بل إلى التبعية الكاملة.
وقد وظّفت السلطات المغربية قضية الصحراء الغربية كغطاء لهذا التحالف، حيث كان محمد السادس مستعدًا لدفع أي ثمن للحصول على اعتراف ترامب ونتنياهو بمغربية الصحراء. وبعد الحصول على هذا الاعتراف، سمح المغرب بإنشاء قاعدة عسكرية إسرائيلية في المنطقة الفاصلة بين مليلية والجزائر، في خطوة تعد استفزازًا مباشرًا للجزائر وإسبانيا، وتهديدًا لأمنهما القومي.
وتجلى هذا الانخراط المغربي في المشروع الصهيوني بشكل أوضح خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث شارك 5000 جندي مغربي في الحرب، إلى جانب توريد الأسلحة لإسرائيل، بل ودفع محمد السادس نحو مليار دولار لحكومة الاحتلال أثناء حرب الإبادة على غزة، مقابل شراء قمر صناعي تجسسي.
وفي الوقت الذي رفضت إسبانيا استقبال سفينة حربية إسرائيلية، سمح المغرب للبوارج الحربية الإسرائيلية بالتزود بالوقود والإمدادات خلال رحلاتها من الولايات المتحدة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتم ذلك في ميناء طنجة، حيث قامت السفن الإسرائيلية بإيقاف أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بموقعها لتجنب أي إحراج للسلطات المغربية، التي تحولت إلى أداة طيّعة في يد الصهيونية العالمية.
ورغم كل ذلك، لا يزال البعض يخرج على مواقع التواصل الاجتماعي ليطالب بفتح الحدود مع مصر لـ"تحرير فلسطين"! الآن فقط، بات واضحًا من هو المتاجر بالقضية الفلسطينية، ومن هو الذي يحمل همها بحق.

 

 

 

من نفس القسم - تعـاون دولـي -