
فضيحة تهز جهاز الاستخبارات المغربي.. اختراق هاتف مهندس نظام التجسس بيغاسوس ونشر بياناته وأصوله على الإنترنت
- بواسطة المصدر
- في 15 أوت 2025
- 1991 قراءة
فجر الصحفي الإسباني الكابراني إيغناسيو سيمبريرو، فضيحة مدوية تورطت فيها المخابرات المغربية، تضمنت معطيات خطيرة تم كشفها بعد اختراق بيانات مسؤول أمني مغربي رفيع المستوى، تؤكد استخدام المؤسسات الأمنية للمخزن برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس" وثبت حجم البنية الإجرامية لنظام المخزن.
وأشار الصحفي الإسباني إلى مسؤولين أمنيين مغاربة بأسمائهم، يؤكد تلقيهم "عمولات" وقاموا بممارسات غير قانونية، تهدف مجملها لتحقيق مصالح شخصية وفرض ممارسات قمعية على المواطنين والصحفيين والساسة المعارضون في المغرب.
وفي المقال المنشور في صحيفة "إل كونفيدينسيال" الاسبانية، تناول الصحفي "شيمبريرو" البيانات التي نشرتها مجموعة "جباروت" على تيليغرام بعد اختراق هاتف محمد راجي، الرجل الثاني في مكافحة التجسس والشرطة السرية في المخابرات المغربية.
يُعتبر محمد راجي، في أوساط الاستخبارات المغربية العقل المدبر الرئيسي لعمليات التنصت على المكالمات الهاتفية في المغرب، وهي مهمة يضطلع بها منذ أكثر من 30 عامًا. كما يُعرف بأنه مهندس عملية الاستخدام الواسع النطاق لبرنامج بيغاسوس الإسرائيلي الخبيث من قِبل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) لمواصلة التنصت على الهواتف المحمولة.
استُخدم هذا البرنامج الخبيث للتجسس ليس فقط على شخصيات معارضة مغربية ومحاولات للتجسس على جنرالات لدول مجاورة، بل أيضًا على سياسيين أوروبيين رفيعي المستوى، بمن فيهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس البلجيكي شارل ميشيل، الذي كان آنذاك رئيسًا للمجلس الأوروبي، وفقًا لتحقيق أجرته مجموعة "القصص المحظورة" الصحفية سنة 2021.
بعد عام، أعلنت الحكومة الإسبانية نفسها التجسس على أجهزة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز ووزيرين على الأقل. كما تعرض جهاز وزير الزراعة لويس بلاناس لهجوم إلكتروني فاشل. اضافة إلى أن وزيرة الخارجية انذاك أرانشا غونزاليس لايا، كانت أيضًا هدفًا للتجسس المغربي.
ومنذ يوم الثلاثاء الماضي، بدأت تظهر بيانات ووثائق خاصة عن محمد الراجي على قناة "جباروت"، وهي قناة على تيليغرام نُشرت فيها معلومات وبيانات رسمية تم الحصول عن طريق القرصنة تتعلق بالسلطات المغربية وقياداتها.
ومن خلال البينات المنشورة، تم العثور على بطاقة هوية الراجي، وراتبه الشهري وحسابه الجاري، بالإضافة إلى صكوك ملكية لمناطق صناعية تم شراؤها في بني ملال بثلاثين مليون درهم بما يعادل حوالي 3 مليون يورو. ومن خلال مجموعة الوثائق المسربة على الإنترنت، يُستنتج أنه تلقى عمولات لشراء معدات تجسس.
الراجي ليس الرجل المكلف بالتنصت فقط، بل هو "الرجل الثاني" في المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST)، وهي وكالة لمكافحة التجسس وقوة شرطة سرية مكلفة، من بين أنشطة أخرى، بالقمع السياسي. رئيسها الأعلى هو عبد اللطيف الحموشي، لكن الراجي يتمتع بنفوذ كبير في جهاز المخابرات لدرجة أنه تلقى أحيانًا أوامر مباشرة من الملك محمد السادس، متجاوزًا التسلسل الهرمي، وفقًا لمصدر استخباراتي، حسبما افاد سيمبريرو في مقاله.
كيف أسس الراجي ثروته ؟
الملفت انه تم التجسس على رئيس الحكومة عزيز أخنوش (B627612) و بناته و على زوجته سلوى (BE529409) و توثيق "جموحها" من اجل الضغط عليه وقت الحاجة.
واكد سيمبريرو أن هذه التسريبات تعد "خنجرٌا يطعن في قلب جهاز الأمن المغربي، ويُوحي بأنها ليست سوى الأولى في سلسلة"، هذا ما علق به شخصٌ مُطّلع على هيكلية أجهزة المخابرات في البلاد عبر الهاتف. وأكد قائلاً: "على الرغم من بقائه في الظل، إلا أن المسؤول الكبير الذي تم اختراقه هو على الأرجح أحد أهم الشخصيات في منظومة التجسس".
وأكدت قناة "جبروت" في تعليق سياسي مُرفق بنشر الوثائق: "لم يعد الفساد في المغرب يُمارس في الشارع، بل يُمارس تحت حماية الأجهزة الأمنية، لأن الملك لم يعد يملك سلطة عزل أيٍّ من مسؤوليه، مهما كان نفوذه".
وأضافت: "لهذا السبب لن تسمعوا عن فتح تحقيق، أو انهاء مهام مسؤول كبير، أو فصل أحدهم". وخلصت إلى أن "الجهاز الأمني الفاسد الذي كان من المفترض أن يحمي المغرب أصبح الآن أداةً خارجة عن السيطرة (...)".
ولم يُعلن عن فتح تحقيق فحسب، بل التزمت الصحافة المغربية الصمت حيال هذه الاكتشافات، على عكس ما حدث عندما بدأت قناة "جبروت" عملها في أفريل. في ذلك الوقت، رددت بعض الصحف ما نُشر، على الرغم من أنها نقلت ردود فعل رسمية، مُصرةً على أن الوثائق مُزورة. وزعمت جميعها آنذاك أن قراصنة جزائريين كانوا يختبئون وراء "جبروت".
وقد تبين أن الوثائق أصلية. والآن في الرباط، لم يعد ما يسمونه "العدو الجزائري" هو المستهدف، ولكن هناك الكثير من التكهنات السرية حول من قد يكون حصل على هذه الوثائق الحساسة ويقوم بتسريبها من بينهم مهدي حجاوي، نائب المدير العام السابق للمديرية العامة للدراسات والتوثيق (DGED)، وهي جهاز المخابرات الخارجية، والذي فرّ من البلاد العام الماضي الى مدريد وطلبت الرباط تسليمه وخوفًا من تسليمه، لجأ إلى دولة أوروبية أخرى.
كما تتهم المخابرات المغربية عملاء متمردين كانوا تحت قيادة الحموشي، وتمردوا بعد إفشائهم معلومات حساسة. وقد أقرّت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في بيان لها بأنه بين 2022 ومنتصف 2023، فرّ 38 عميلًا من مناصبهم. وأوضحت أنه، كما ورد سابقًا، غادر أكثر من 160 منهم، مستغلين إقامتهم في الخارج. ويكشف هذا الرقم، على مدى تأزم الحال داخل جهاز المخابرات المغربي.
للتذكير، نشرت قناة "جبروت" في أفريل، قاعدة بيانات الخزانة الوطنية للضمان الاجتماعي المغربية، التي تضم مليوني موظف - العديد من المغاربة غير مسجلين - بما في ذلك منير مجيدي، السكرتير الخاص لمحمد السادس ومدير شركة "سيغر"، الشركة القابضة الملكية. يبلغ راتبه كمدير 1.3 مليون يورو سنويًا.
ثم في جوان ، كُشف النقاب عن سندات التوثيق لشراء عقارات باهظة الثمن وفاخرة من قِبل وزير الخارجية ناصر بوريطة وياسين المنصوري، رئيس جهاز المخابرات الخارجية. وقد أبلغت جمعية الموثقين المغاربة للتو مكتب المدعي العام بهذا التسريب، مما منح تلك الوثائق مصداقية كاملة.
وأثار الهجوم السيبراني المتكرر الكثير من الجدل في مملكة محمد السادس حول حجم الأجور التي يتقاضاها مسؤولون مغاربة ومدى قدرة المؤسسات العمومية على حماية المعطيات الشخصية للمواطنين. كما توضح الوثائق المسربة تورط هؤلاء المسؤولين، إلى جانب عدد من كبار الشخصيات في المخزن، في الفساد ونهب أملاك عقارية مغربية ضخمة، والاستيلاء على أراضٍ شاسعة عبر طرق احتيالية، اضافة إلى الممارسات الدكتاتورية التي يتعرض لها الصحفيون والساسة المغاربة والمواطنين بشكل عام.