حمس ترفض وتستغرب قرار الجزائر رفع التحفظ عن المادة 15 من “سيداو”

عبرت "حركة مجتمع السلم" عن استغرابها الشديد من قرار رفع تحفظ الجزائر عن الفقرة الرابعة من المادة 15 من اتفاقية “سيداو”، معتبرة إياها مخالفة الإجراءات القانونية المعتمدة، حيث تم رفع التحفظ بمرسوم رئاسي دون العودة للبرلمان، ما يتعارض مع مبدأ “توازي الأشكال” في التشريع. ونبهت مما أسمته "خطورة الاستدراج المتواصل في التعامل مع المعاهدات الدولية التي لا تنسجم مع الخصوصية الدينية أو الاجتماعية".

ودعت "حركة مجتمع السلم" في بيان يوم الأحد، إلى "ضرورة حماية الهوية الوطنية" و"استقرار الأسرة".

وقالت الحركة إنها تابعت باستغراب شديد ما تضمنه المرسوم الرئاسي الصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية والذي نص على رفع تحفظ الجزائر عن الفقرة الرابعة من المادة 15 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" لسنة 1979، وهي الاتفاقية التي صادقت عليها الجزائر سنة 1996 مع وضع تحفظات على بعض المواد لتعارضها مع أحكام الدستورية وقانون الأسرة وأحكام الشريعة الإسلامية.

وتنص هذه الفقرة من المادة المذكورة على "منح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالقانون المتعلق بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل إقامتهم ومحل سكنهم".

ولفت البيان إلى "أن رفع التحفظ يقتضي أن يمر عبر نفس الأشكال القانونية، أي موافقة البرلمان ثم إصدار الأمر او إصدار الأمر وعرضه لموافقة البرلمان إذا كانت الظروف تكرس طابع الاستعجال، مما يضع المرسوم الرئاسي في حالة غير منسجمة مع قواعد التشريع الطبيعية، ومخالفة لقاعدة توازي الأشكال في التقنين والتشريع".

وأشارت الحركة "إلى أن هذه الخطوة تطرح عدة تساؤلات قانونية واجتماعية، تمس في جوهرها مدى انسجام هذا المرسوم الرئاسي مع المنظومة التشريعية الوطنية، وبخاصة الدستور الذي يحمي حق التحفظ على المعاهدات والاتفاقيات الدولية ما تعارضت مع المرجعية الوطنية والدينية والخصوصيات القانونية".

كما أبرز البيان أن الجزائر التي تحفظت على بعض مواد اتفاقية "سيداو" سنة 1996 بما تعنيه تلك المرحلة من حالة صعبة ومحاولات حصار عاشتها الدولة، ومع ذلك مارست السيادة الكاملة في مواجهة عولمة القوانين الغربية المصادمة للمرجعية الدينية والأخلاقية والمنظومة الاجتماعية الوطنية، مما يدفع للتساؤل عن الدوافع التي أدت إلى رفع التحفظ في ظل الواقع والتشريع والقيم التي لم تتغير".

واستطرد البيان بالقول: "تم رفع التحفظ على المادة الخاصة بجنسية الأبناء سنة 2008 واليوم يتم رفع التحفظ عن البند الرابع من المادة 15 من اتفاقية "سيداو" والتي تتعلق بحرية التنقل واختيار السكن والإقامة دون تمييز بين الرجل والمرأة، وهي ليست مشكلة مطروحة أصلا حتى يتم فتح هذا الباب، بما يهدد استقرار العائلة وتماسك المجتمع، واحترام نظام الأسرة الخاضعة إلى رئيس واحد وهو الزوج".

ونوه بأن دولا كبرى ترفض الانضمام إلى مثل هذه الاتفاقيات، حيث ذكر أن الولايات المتحدة غير منضمة لاتفاقيات "سيداو" وغيرها من المعاهدات، ودول أخرى تحافظ على خصوصياتها الدينية والاجتماعية.

كما حذرت "حركة مجتمع السلم" من التداعيات الاجتماعية لهذا الإجراء من الناحية الواقعية والعملية والاجتماعية والذي قد تستغل في تفكيك أوسع للأسرة ومنها للمجتمع، سواء كانت هذه المرأة زوجة أو بنتا، من زوجها أو وليها، وسواء داخل إطار الزواج أو عند المنازعات الأسرية، وهو ما ينعكس انعكاسا خطيرا على قضايا الزواج، الحضانة، الطلاق، النفقة والنشوز وغيرها.

ودعت الحركة إلى ضرورة حماية الهوية الوطنية واستقرار الأسرة من منطلق الخصوصية الدينية والثقافية للشعب الجزائري، موضحة أن رفع مثل هذه التحفظات سيلغي فعليا الاحتكام إلى مواد قانون الأسرة، لأن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين الوطنية بحكم الدستور الجزائري، وهو ما يسهم كذلك في تكريس الانقسام المجتمعي الذي يستهدف الوحدة والتماسك والاستقرار المرتبطين بالأمن الاجتماعي.

وفي المقابل، أكد التجمع الوطني الديمقراطي "الأرندي" أن رفع التحفظ عن المادة 15 فقرة 4 من اتفاقية "سيداو" هو خطوة سيادية، دستورية، منسجمة مع الفهم السليم لمقاصد الإسلام.

 

وقال الأٍندي في باين له إنّ الجزائر دولة ذات سيادة، ورئيس الجمهورية يمارس صلاحياته كاملة في مجال السياسة الخارجية وفق ما ينص عليه الدستور (المادة 91).

 

و فيما يخص التحجج بأن رفع التحفظ يقتضي أن يمر عبر نفس الأشكال القانونية، أي موافقة البرلمان ثم إصدار أمر أو إصدار الأمر ثم عرضه على البرلمان، فاكد الارندي أن لرئيس الجمهورية الحق في التشريع بأوامر رئاسية بين الدورتين طبقا للدستور، موضحا ان الدستور الجزائري (2020) أكد في مادته 34 على أن: “المواطنون متساوون أمام القانون دون أي تمييز”، كما نصت المادة 31 على سعي الدولة لضمان المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات.

 

وبالتالي، فإن رفع التحفظ بمرسوم رئاسي يندرج في إطار الانسجام مع الدستور ومبادئه، وممارسة كاملة للسيادة الجزائرية في تكييف التزاماتها الدولية بما يخدم مصالحها الوطنية، يضيف الأرندي.

من جانب آخر، شدد الأرندي على أن شريعة الإسلامية كرّمت المرأة وأعطتها حقوقها منذ قرون:

▪️ حق السكن: «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُم» [الطلاق: 6]

▪️ حق التنقل: مشاركتها في الهجرة مع الصحابة.

▪️ حق التملك والتصرف: «لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ» [النساء: 32].

• هذه النصوص تثبت أن حرية التنقل والسكن ليست فكرة دخيلة، بل من صميم مقاصد الإسلام القائمة على العدل والكرامة.

• القرار لا يلغي خصوصية الأسرة ولا يمسّ قانونها، بل يفتح مجالًا لتكييف تشريعي منسجم مع روح الشريعة ومقاصدها.

 

 

من نفس القسم - سيـاســة وأراء -