
الجزائر-مالي.. هذا ما غاب عن "تبريرات" لافروف
- بواسطة المصدر
- في 14 أكتوبر 2025
- 1702 قراءة
أثارت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن الوجود الروسي في دول الساحل الأفريقي خلال مؤتمرٍ صحفي في موسكو لممثلي وسائل إعلام من دولِ عربية جدلا واسعا، بسبب محاولته لتبرير التواجد الروسي في المنطقة، وتكذيب الاتهامات الموجهة لبلاده على خلفية تورط مرتزقة “فاغنر” سابقا ووريثها “الفيلق الافريقي” اليوم، في الجرائم التي يرتكبها الجيش المالي ضد المدنيين العزل في شمال البلاد.
اللافت في رد وزير الخارجية الروسي على سؤال لصحفية جزائرية، محاولته إقناع مستمعيه بأن أصل الخلاف يتعلق بمشكلة حدودية وهمية لم يكن لها وجود لا سابقا ولا في الوقت الحاضر، فلم يسبق أن أثير أي مشكل حدودي بين الجزائر وجيرانها خاصة في منطقة الساحل. حيث ادعى أن الحدود الجزائرية المالية مصطنعة من قبل الاستعمار، وهي سبب المشكلة لأنها لم تراع الإثنيات العرقية، على حد زعمه!.
وتحدّث رئيس الدبلوماسية الروسية عن قضية الحدود الموروثة عن الاستعمار وهو الملف المحسوم منذ قمة القاهرة عام 1964 بقرار من منظمة الوحدة الإفريقية.
الأكيد أن الجزائر منذ استقلالها، لم يكن لها أي مشكل مع مالي ولا مع النيجر بسبب الحدود أو التداخل العرقي، بل على العكس، فلطالما وظفت الجزائر نفوذها في المنطقة في معالجة الأزمة بين جنوب وشمال مالي.
ما غاب في رد لافروف مثلما يعرفه الجميع أن الأزمة مرتبطة بمشاكل داخلية اندلعت منذ نحو عامين، تعمقت بفعل انقلاب عسكري أعاد الوضع في البلاد إلى أجواء التوتر والصدام، وتنصل الانقلابيين العسكريين الجدد بقيادة "غويتا" من بنود اتفاق السلم والمصالحة الموقع سنة 2015 مع الحركات الأزوادية، فجأة وبطريقة أحادية، أُقحم فيها اسم الجزائر، رغم تاريخها الطويل والعريض في دعم وحدة مالي وأمنها.
لذلك، طرحُ لافروف للأزمة الجزائرية المالية من هذه الزاوية غير صحيح تماما بل يمكن أن تكون نيته خبيثة في استنبات خلاف يبرر الوجود الروسي في منطقة غريبة عنه، ويوسع شرخ الخلافات بين الشعوب الافريقية التي استفاقت مؤخرا وثارت ضد التواجد عسكري الاجنبي والتدخلات الخارجية في شؤونها.
فمنذ استقلالها، جعلت الجزائر من احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها مبدأً ثابتاً، وساندت الشعوب الإفريقية في كفاحها ضد الاستعمار والهيمنة وجعل إفريقيا سيدة قراراتها تدير شؤونها بنفسها، لا بوصاية القوى الأجنبية.
فالمشكلة الأساسية والأزمة الحقيقية لم ترتبط بالحدود ولا بالاثنيات العرقية مثلما يحاول لافروف الترويج لها، بل مرتبطة بطغمة عسكرية اصبحت تنفذ أجندة قوى دولية تتصارع على النفوذ في منطقة الساحل، وبعضها يتخذ من تحالف الساحل كمعول لاستهداف المصالح الاستراتيجية للجزائر.