اليونيسكو والقفطان الجزائري.. هذه حقيقة

المصدر/محمد قلاتي

أثارت وسائل اعلام تابعة للمخزن المغربي جدلا واسعا، بنشرها تقارير "مغلوطة" استنادا على بيان لوزارة الثقافة المغربية حمل معطيات "كاذبة"، تدعي ان "اليونسكو وافقت رسميا على إدراج القفطان المغربي تراثا عالميا بالمنظمة"، رغم أن اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونسكو، وافقت امس على إضافة “ارتداء القفطان” إلى عنوان الملف الجزائري المسجّل أصلا منذ 2012، حول العادات المرتبطة بزيّ الزفاف التلمساني.

وتبيّن المعطيات أنّ عنوان الملف الذي تقدّم به الجانب المغربي لليونسكو لا يحمل تسمية “القفطان تراث مغربي”، بل جاء تحت عنوان “القفطان… فن ومهارات” فقط. ويُفهم من ذلك أنّ الملف لا يواجه تصنيف القفطان كتراث مغربي أصيل، خصوصًا وأنّ هذا الزي قد تم تسجيله منذ سنوات ضمن التراث الثقافي الجزائري.

يؤكد هذا الاختيار أنّ الغاية من الملف تتركّز على إبراز المهارات الحرفية المرتبطة بصناعة القفطان، وليس نسب الزي نفسه، وهو ما يسمح لأي دولة في العالم بتسجيل عناصر فنية أو مهارية دون أن ترتبط بالضرورة بأصل تراثي معيّن.

وبالتالي، يبقى التسجيل التراثي والأصلي لهذا الزي محفوظًا في سجلات اليونسكو باسم الجزائر، بينما يندرج الملف المغربي ضمن الفنون والمهارات الحرفية، وهو تصنيف مختلف من حيث القيمة والدلالة.

إنّ هذا المعطى يعكس اعترافًا ضمنيًا بأن الأصل التاريخي والقيمة التراثية للقفطان موثّقة سلفًا لصالح الجزائر، فيما تبقى المهارات الحرفية مجالًا مفتوحًا لتقديمه من طرف أي دولة تمارس هذا الفن وليس للمغرب فقط.

 

وفي هذا الصدد، أقرت الدورة العشرون للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي اللامادي لمنظمة اليونسكو، الملتئمة بالعاصمة الهندية نيودلهي، اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025، بطريقة جلية وصريحة أسبقية الجزائر في تسجيل القفطان كمكون أساسي في تراثها الثقافي الغني.

 

وقررت ذات اللجنة بهذه المناسبة تعديل ٳسم العنصر الذي تم تسجيله سنة 2024 في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي للبشرية، وذلك بإدراج القفطان صراحة، ليحمل العنصر الجزائري التسمية الجديدة التالية: "الزيّ النسائي الاحتفالي في الشرق الكبير الجزائري: المعارف والمهارات المرتبطة بخياطة وتزيين القندورة، االملحفة، القفطان، القاط واللِّحَاف". كما وافقت اللجنة أيضًا على تعديل الملف المعنون «الطقوس والمهارات الحرفية المرتبطة بتقليد اللباس العرائسي التلمساني»، والمُسجَّل منذ سنة 2012 في القائمة التمثيلية،بإضافة عبارة «لبسة القفطان» و ترجمتهما في الملف إلى اللغتين الفرنسية و الانجليزية.

 

القرار يأتي ليعزز مكانة الجزائر في قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي للإنسانية، كما يعد اعترافا صريحا وتتويجا مستحقا للجهود الدؤوبة والحثيثة للدولة الرامية ٳلى تثمين وصون والتعريف بالتراث الثقافي الغني للجزائر الذي هو نتاج قرون من تاريخ يعكس عراقة وأصالة أمتنا. كما يجسد هذا الاعتراف الصريح وجاهة النهج المتبع في إطار تنفيذ تعليمات السلطات العليا للبلاد قصد الحرص على ترقية موروثنا الثقافي بجميع مكوناته وكافة أشكاله وحمايته من كل محاولات التقليد والاستحواذ والتزييف.

 

وحسب ما أوضحه بيان لوزارة الثقافة والفنون مساء اليوم الخميس، فقد أضيفت عبارة “The wearing of Kaftan” بالإنجليزية، و”Le port du Caftan” بالفرنسية إلى ترجمة عنوان الملف الجزائري حول: “الطقوس والمهارات الحرفية المرتبطة بعادة الزي الزفافي التلمساني”.

 ووصفت الوزارة هذا الإجراء بأنه “انتصار جديد يضاف إلى سجل الدبلوماسية الثقافية الجزائرية”. وقالت إنه “يؤكد مجددا على ترسيخ مكانة القفطان، كعنصر أصيل لا يتجزأ من تراث الجزائر الثقافي غير المادي”.

 كما صادقت اللجنة بالإجماع على تحديث عنوان ملف وطني آخر مسجّل في سنة 2024، ليحمل عنوان:”الزي الاحتفالي النسوي للشرق الجزائري الكبير: معارف ومهارات خياطة وصناعة حلي تزيين القندورة، الملحفة، القفطان، القاط، واللحاف”.

 وأشار بيان وزارة الثقافة إلى أن “هذا التأكيد هو رسالة بأن القفطان مكوّن أساسي في نسيج التراث الجزائري، مسجّل ومعترف به دوليا منذ أكثر من عقد من الزمان”.

 وتابعت بالقول إن “هذه الخطوات الإجرائية والدبلوماسية الحكيمة، تؤكد عزم الجزائر على صون وحماية جميع عناصر هويتها الثقافية، من أي محاولة للتشويه أو التملك”.

 مضيفة:”نحن فخورون بترسيخ القفطان كإرث ثقافي عالمي. هذا الاعتراف الجديد لليونسكو هو شهادة على أصالة وعمق تاريخنا. القفطان الجزائري إرثنا، وحمايته واجب وطني”.

 

من نفس القسم فـنون وثـقافـة