تعريب الوثائق الرسمية في الجزائر إرادة سياسية أم حركة إستعراضية !

الجزائر/ نادية.ب إستقبل الجزائريون  بوادر تعريب الوثائق الرسمية بمؤسسات الجمهورية، بصدر رحب، وأعربوا عن إستحسانهم للخطوة بعدما أعلنت مؤسستين تطليق إستخدام اللغة الفرنسية في تعاملاتها مع زبائنها، ويتعلق الأمر بشركة توزيع الكهرباء والغاز "سونلغاز" وقبلها بريد الجزائر، فهل هي إرادة سياسية لإصلاح الأمور بعد مرور 55  من الاستقلال، أم أنها مجرد إلتفاتة معزولة لا داعي للإفراط في التفاؤل بها؟ بريد الجزائر وسونلغاز ..فهل من مزيد ! فتحت مؤسسة بريد الجزائر بإعلانها قرارا يقضي بإلغاء الفرنسية من جميع الوثائق والمحررات الرسمية الصادرة عن المؤسسة، وتعويضها بوثائق محررة باللغة الوطنية،  شهية المؤسسات الأخرى، حيث سارت شركة توزيع الكهرباء والغاز "سونلغاز"، في نفس النهج وأعلنت عن أول فاتورة مكتوبة باللغة العربية في إجراء يعيد الاعتبار للغة الوطنية واستعمالها في جميع المراسلات والفواتير التي تصدرها المؤسسات والإدارات الجزائرية.  القرار تفاعل معه رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشدة، وعبر عدد كبير من الناشطين عن رغبتهم في تعميم هذه القرارات لتطال كل مؤسسات الدولة، بحكم أن اللغة العربية هي اللغة الأم، والفرنسية ماهي إلا تركة الاستعمار وحان الأوان للتحرر من التبعية. ويحُز في نفس هيئات وأفراد حملوا على عاتقهم مشعل الدفاع عن العربية، كيف لدولة مثل الجزائر، حاربت الاستعمار ومنعته من طمس هويتها وعاداتها وتقاليدها، أن تسمح بتغلغل اللغة الفرنسية إلى مفاصل الدولة، وأن يتفاخر كبار مسؤوليها بلغة "موليير"، بالرغم من أن الدستور الجزائري، ينص على أن العربية هي اللغة الرسمية في الجزائر. وحذر مختصون في مرات عديدة خلال ندوات ثقافية أو فكرية، من "استعمار لغوي" تتعرض له الجزائر في السنوات الأخيرة، بسبب تراجع رهيب للغة العربية التي باتت حبيسة المدارس و الجامعات التي تدرس العلوم الإنسانية فقط..؟ أمام لغة فرنسية أصبحت تطبع  تعاملات ويوميات المواطنين. وكثيرا ما كانت الجزائر رهينة التجاذبات الإيديولوجية بين أنصار اللغة العربية أو المعربين والفرانكفونيين، ولعل أخر جدل تفجر ذلك  المرتبط بإعلان وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط، عن اقتراح حول استخدام اللغة العامية في المراحل الأولى للتعليم الابتدائي بدلا من العربية الفصحى في إطار رؤيتها لإصلاح المنظومة التربوية. لكن القرار تحول إلى قضية رأي عام، على مدار أشهر كاملة، خاضت فيه كل تيارات المجتمع، وإنقسم على إثره، الجزائريون بين مرحب بالمقترح ويقوده هذا التوجه بعض الصحف الناطقة بالفرنسية والنخبة التي توصف بـ"الفرانكفونية" ذات النفوذ السياسي، والتي تعتبر باريس مرجعية لها في كل شيء بدافع الانتماء التاريخي الذي دام 130 سنة، وبين أنصار الدفاع عن لغة الضاد والقومية العربية. وظل هذا النقاش على مدار أسابيع ، إلى غاية تدخل الحكومة لامتصاص الغضب، وجاء على لسان الوزير الأول وقتها،عبد المالك سلال،  أن "الأمر يتعلق بمجرد مقترحات تم تدارسها في الندوة الوطنية لإصلاح التربية" مضيفا " اللغة العربية مرجع دستوري وثقافي وحضاري بالنسبة للجزائر، مع الأمازيغية التي لابد أن نعطيها أهمية أكبر، ونطورها في المجتمع الجزائري".

من نفس القسم - صحة وعلوم -