بوتفليقة..من المهم إبقاء الجيش في منأى عن المزايدات والطموحات السياسوية

الجزائر/ إسلام.ب

ردّ رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة اليوم، على دعاة تدخل الجيش، بقوله ان الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، "يتولى بكل حزم مهمته الدستورية في حماية حدودنا من خطر الارهاب الدولي والجريمة العابرة للأوطان"، مشددا على أهمية "الإبقاء على هذه الـمؤسسة الجمهورية في منأى عن الـمزايدات والطموحات السياسوية".

وأضاف الرئيس في رسالة له عشية الفاتح من نوفمبر ذكرى اندلاع الثورة الجزائرية، يقول : "لقد ولى عهد الـمراحل الانتقالية في الجزائر التي ضحى عشرات الآلاف من شهداء الواجب الوطني من أجل إنقاذ مؤسساتها السياسية، وبات الوصول إلى السلطة، من الآن فصاعدا، يتم عبر الـمواعيد الـمنصوص عليها في الدستور ومن خلال سيادة الشعب الذي يفوضها عن طريق الانتخاب على أساس البرامج الـملـموسة التي تعرض عليه".

وأوضح في ذات السياق أن "عود الجمهورية اشتد بفضل مؤسساتها الدستورية الـمنتخبة التي تتجدد استحقاقاتها كل خمس سنوات في إطار قواعد شفافة موصول تعهدها بالتحديث". وبعد أن أكد رئيس الجمهورية أنه يجوز للشعب الجزائري أن يعتز بحصيلة نصف قرن من الاستقلال، ذكر بالمأساة "الفظيعـــة والدموية" التي عاشتها الجزائر، مشيرا إلى أن تلك "الـمرحلة الوخيمة الـمؤلـمة تميزت بانبعاث الفضائــــل والقيم الـموروثة عن ثورة نوفمبر الـمجيدة التي بفضلها انتصرنا على الإرهاب الهمجي وبفضل ما نهلنا من مبادئ الإسلام السامية لكي نتجاوز آلامنا الـمشتركة بالـمصالحة الوطنية ونلتقي في الوطن الذي يحتضننا وفي الدين الذي يوحد كلمتنا وفي ظل سيادة قوانين جمهوريتنا التي تجمعنا".

وأبرز أنه "ما عدا هذه الصفحة الـمؤلـمة، فقد اتسم مسارنا بكل تأكيد بإنجازات اقتصادية واجتماعية وسياسية ودبلوماسية لافتة"، مشيرا إلى أن "الجزائر التي أنهكتها سبع سنوات من الكفاح قد أعيد بناؤها. وها هو شعبنا الذي حرم من نور العلـم حقبة فاقت القرن يرسل كل يوم 11 مليون من أبنائه إلى الـمدارس والثانويات والجامعات. وعوضت آلاف القرى التي دمرها الـمستعـمر منهـــــا ما يقارب 4 ملايين وحدة ابتنيت منذ بداية القرن الجديد، حيث تحصي بلادنا اليوم عشرات الآلاف من الـمؤسسات العمومية منها والخاصة وبالشــــراكة".

وفي ذات السياق، أكد رئيس الجمهورية أن "هويتنا أصبحت أكثر من أي وقت مضى الوعاء الجامع لوحدتنا الوطنية ولعبقريتنا الثقافية. فإلى جانب الـمكانة الـمكينة التي يتبوأُهَا الإسلام في دستورنا و في قلوبنا، و إلى جانب اللغة العربية التي استرجعت في وقت مبكر مكانتها الشرعية من حيث هي لغة وطنية رسمية، ها هي ذي اللغة الأمازيغية أصبحت هي الأخرى لغة وطنية و رسمية للجزائر التي ستسعى من أجل مواصلة ترقيتها".

واعتبر أن الإسلام هو "ذلكم الـمكون الأساس من بين مكونات هويتنا الوطنية، فهو دين الدولة التي تسهر عليه من بين ما تسهر عليه في إطار القانون، اتقاء لأي رجوع إلى التطرف أو لـمحاولة سياسوية لاحتكار عقيدتنا وتسخيرها". و بهذا --يستطرد الرئيس بوتفليقة-- فالجزائر التي "أسهمت أيما إسهام في نشر الإسلام وحضارته الـمشعةِ عبر القارات، تريد اليوم أن تسهم بنموذجها الخصوصي في عالـم متقلب في إبراز الصورة الحقيقية للإســــلام، دين العلـم والتسامح والتعايش".

واغتنم رئيس الجمهورية هذه المناسبة ليدعو الـمسؤولين في المنظومة التربوية والتعليمية والتكوينية ورجال ونساء الأدب والثقافة والـمجاهدين الذين عايشوا وصنعوا الكفاح التحرري الوطني، إلى "كتابة تاريخنا والتعريف به وتعليمه لا سيما ثورة نوفمبر الخالدة التي ستظل ملحمة ليست كالـملاحم، ملحمة بلا نظير"، مبرزا أنه "لا يكفي حصر تمجيد الكفاح التحرري الوطني في مناسبات معدودات، بل يجب أن يدرج هذا التمجيد في صلب برامجنا التعليمية وانتاجنا الفني والثقافي والإعلامي". وعلى الصعيد الدولي، استعرض الرئيس بوتفليقة في رسالته بعض اللـمحات عن ثورة نوفمبر الـمجيدة التي "أضافها شعبنا إلى سابقاتها من الصفحات الـمشرقة التي يزخر بها تاريخه الـممتد عبر آلاف السنين، تاريخه الـمرصع بإسهامات جلّى في بناء الحضارة العالـمية، الحافل بصور التضامن على مر القرون مع أمم شريكة أو حليفة أو شقيقة، الزاخر بالتصدي لضروب من الغزو الذي طال وطننا ولكنها تكسرت جميعها بفعل مقاوماتنا الدؤوب الـمتواصلة".

وقال بهذا الخصوص أن "تضحيات شعبنا من أجل استقلاله كان لها أثرها على قضية الشعوب الـمستعمرة الأخرى، حيث عجلت ثورتنا حصول شعوب شمال إفريقيا على استقلالها، على غرار الشعبين التونسي والـمغربي اللذين ندين لهما بما كان لهما من مؤازرة فاعلة لشعبنا الـمكافح". وخلص الرئيس بوتفليقة إلى القول أن الجزائر "ستبقى وفية لـمبادئها من حيث التضامن مع الشعوب الشقيقة ومع القضايا العادلة عبر العالـم، كما تبقى عضوا ناشطا ومسموع الكلمة ضمن الـمجموعة الدولية في خدمة السلــــــم والأمن في العالـم وفاعلا في التعاون الإقليمي ومحاربة الإرهاب تحت إشراف الأمم الـمتحدة".

كما أكد بوتفليقة أن ثورة نوفمبر "كانت وستبقى عروة وحدتنا الوطنية الوثقى"، داعيا إلى "الحفاظ عليها رصيدا يوحد كافة القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنأي بمؤسسات الدولة عن المزايدات والطموحات السياسوية".وان "ثورة نوفمبر كانت وستبقى بالتأكيد عروة وحدتنا الوطنية الوثقى"، مشددا على ضرورة "الحفاظ عليها رصيدا يوحد كافة القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلـما تعلق الأمر بالجزائر قبل كل شيء".

وأبرز الرئيس بوتفليقة في رسالته ان ثورة نوفمبر "وديعة لدينا من واجب الجيل الحالي أن يصونها أمانة للأجيال القادمة لتذكي بها نخوتها الوطنية على مر الأزمان والدهور الآتية"، مشيدا بمحطة أول نوفمبر 1954 باعتبارها "أسيسة تاريخنا الـمعاصر أشهر فيها الشعب الجزائري أمام العالـم، وقبل ذلك أمام الـمستعمر، عزمه على انتزاع سيادته وحريته أيّــا ما كان الثمن".

وأكد رئيس الجمهورية أن "الحفاظ على مكاسبنا، في كنف تعددية الرؤى السياسية، يقتضي منا أن نكون قادرين على التكتل في جبهة وطنية جامعة كلـما تعلق الأمر بالجزائر وعلى الخصوص عند مواجهة التهديدات الخارجية". وأضاف إن إحياء ذكرى اندلاع ثــورة نوفمـبر الـمجيدة وما يكرسه من تلاحم وطني حول شهدائنا الأبرار، "يدعونا إلى تقييم ما فعلنا بالاستقلال الوطني وإلى التساؤل حول ما بقي علينا أن نقوم به خدمة للجزائر".

وبعد أن ذكر بالإنجازات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية للجزائر، أكد رئيس الجمهورية أن الجزائر "بقيت وفية لبيان أول نوفمبر1954 من حيث هو نداء من أجل الحرية و الكرامة ونداء من أجل بناء جزائر ديمقراطية واجتماعية في إطار مبادئ الإسلام كما هو نداء من أجل علاقات سلـم وتعاون بين الشعوب الـمستقلة في إطار تقاسم الـمصالح".

و لا جدال -يضيف الرئيس بوتفليقة- في أن "الديمقراطية التعددية وحرية التعبير تشكلان اليوم واقعا ملـموسا، بل إننا نغض الطرف في هدوء عن بعض التجاوزات وبعض الـمبالغات إدراكا منا بأن الشعب يراقب ويدليي في كل مرة بحكمِه بكل سيادة".

من نفس القسم - صحة وعلوم -