هكذا تطورت أسعار صرف الدينار خلال العشريتين الماضيتين

الجزائر/ أحلام.ع

حافظ بنك الجزائر في إطار "مقاربة حذرة وبراغماتية لتسيير معدل الصرف على مساره في مجال سياسة الصرف المطبقة منذ جوان 2016" حسبما أفاد به لوأج مسؤولو هذه المؤسسة المالية.

و أوضحوا أن "ضبط سعر الدينار خضع أساسا إلى التقلبات المسجلة على مستوى  الأسواق المالية الدولية للصرف و العملات  المرجعية" المتمثلة في الأورو و  الدولار".

و فيما يخص تطور معدل الصرف للدينار بين سنة 2000 و منتصف 2018 أكد المسؤولون  أن المستوى الجيد لمقومات الاقتصاد الوطني لاسيما مستوى أسعار البترول و مستوى  النفقات العمومية  و فارق مستوى التضخم مقارنة بأهم الدول الشريكة سمح بتحقيق استقرار معدل الصرف  الفعلي الحقيقي في مستواه التوازني الأساسي لسنة 2003".

و قد تجلى ذلك ابتداء من سنة 2003 في ارتفاع تدريجي لقيمة الدينار مقابل  الدولار (متوسط السعر انتقل من 7ر79 دج لدولار واحد سنة 2002 إلى 6ر64 دج  لدولار واحد سنة 2008 اي ارتفاع بنسبة 4ر23 % خلال ذات الفترة).

و بالمقابل انخفض الدينار بنسبة 8ر26% مقارنة بالأورو خلال نفس الفترة جراء  الارتفاع الكبير لقيمة الأورو مقارنة بالدولار الأمريكي (متوسط معدل صرف  الأورو مقارنة بالعملة الأمريكية انتقل من 9236ر0 سنة 2000 إلى 4708ر1 سنة  2008).

و لكن خلال سنة 2009, عرفت مقومات الاقتصاد الوطني تدهورا  كبيرا في سياق الازمة الاقتصادية و المالية الدولية (انهيار اسعار البترول وتراجع مداخيل صادرات المحروقات و ارتفاع معدل نفقات الميزانية/الناتج المحلي  الخام), حسب نفس المسؤولين.

و أفضت هذه التطورات الى انخفاض قيمة الدينار مقارنة بالدولار بمعدل 11,1%  سنة 2009 و بمعدل 2,1% سنويا خلال الفترة الممتدة من 2010 الى 2013.

و في هذا الاطار, اكد مسؤولي البنك ان هذا الانخفاض الحاد في القيمة الاسمية  للدينار سمح بالحد من انحراف معدل الصرف الفعلي الحقيقي المقاس عن معدل توازنه  بنسبة 2,17 % خلال تلك الفترة.

أما بخصوص انهيار اسعار البترول ابتداء من السداسي الثاني لسنة 2014, فقد  انعكس ذلك خلال سنة 2015 بعجز في الحساب الجاري الخارجي بنسبة 16,4 % من  الناتج المحلي الخام و عجز في الميزانية بنسبة 15,3 % من الناتج المحلي الخام.

و قال نفس المسؤولون "اسفر هذا التراجع المسجل على مستوى احد اهم مقومات  الاقتصاد الوطني, في سياق التباين في معدلات التضخم و الانتاجية السلبية و  ضرورة ابقاء النفقات العمومية في مستوى عال من اجل دعم النمو و الشغل, الى  انخفاض قيمة الدينار بمعدل سنوي نسبته 19,8 % بالنسبة للدولار و بنسبة 4,07 %  مقارنة بالأورو ما بين سنة 2014 و 2015, مع مراعاة التطور في اسعار الصرف بين  هاتين العملتين على مستوى الاسواق الدولية".

و أمام هذه الصدمة الخارجية المعتبرة و المستديمة, يضيف المسؤولون, لعب سعر  صرف الدينار دور الكابح في ظل غياب التعزيز المالي.

و قد سمح هذا بكبح انحراف معدل الصرف الفعلي الحقيقي عن معدل توازنه الناجم  عن التدهور الجوهري للمقومات و المساهمة في الحد من تأثير الصدمة الخارجية على  الاستقرار الاقتصادي الكلي على المدى المتوسط, حسب نفس المسؤولين.

و لكن ابتداء من جوان 2016 و في ظل استقرار اسعار الصرف (الأورو و الدولار)  في اسواق الصرف الدولية بين جوان 2016 و جوان 2017, شهد السداسي الثاني من  سنة 2016 و السداسي الاول من 2017 استقرارا نسبيا لأسعار صرف الدينار حيال  عملتي التسديد الاساسيتين للجزائر.

وسجل الأورو طيلة سنة 2017 ارتفاعا محسوسا بنسبة 12,4 % مقارنة بالدولار.

و عليه, انخفضت قيمة الدينار بنسبة 3,3% مقارنة بالأورو و بنسبة 1,3% مقارنة  بالدولار. أما خلال نهاية نفس الفترة, انخفضت قيمة الدينار بنسبة 15,4 %  مقارنة بالأورو و بنسبة 3,8 % مقارنة بالدولار ما بين نهاية ديسمبر 2016 و  نهاية ديسمبر 2017.

و طرأت هذه الانخفاضات خلال السداسي الثاني من سنة 2017 اي انخفاضات بنسبة  10,5 % و 6,2 %  مقارنة بالأورو و بالدولار على التوالي.

و حسب مسؤولي بنك الجزائر فإن انخفاض الدينار خلال نهاية هذه الفترة, سيما  مقارنة بالأورو, يعكس و بشكل كبير تغير اسعار الصرف بالنسبة لعملتي التسديد  الاساسيتين للجزائر في ظل استمرار الاختلالات على مستوى الحسابات الخارجية و  العمومية و التطور السلبي لبعض مقومات الاقتصاد الوطني لا سيما فارق التضخم مع  اهم شركائنا التجاريين".

و أكد المسؤولون ان ارتفاع قيمة الأورو مقارنة بالدولار سنة 2017 ادى الى  زيادة تقارب 5 ملايير دولار في مستوى احتياطي الصرف المقوم بالدولار.

و بخصوص فترة السبعة اشهر الاولى من سنة 2018, يعكس تطور اسعار صرف الدينار,  في المعدل الشهري مقارنة بالأورو و الدولار, بشكل عام تطور اسعار صرف الأورو  مقارنة بالدولار في الاسواق الدولية.

و خلال الفترة الممتدة من ديسمبر 2017 الى مارس 2018، ارتفعت اسعار صرف  الأورو مقارنة بالدولار من 1,18 الى 1,23 دولار اي بارتفاع قدرت نسبته ب  4,24%, في حين انخفضت قيمة الأورو مقارنة بالدولار بنسبة تقارب 5,69 % خلال  الفترة الممتدة بين مارس و يوليو 2018.

و أمام هذه التطورات, ارتفعت قيمة الدينار مقارنة بالدولار بنسبة 0,86 %  في  الفترة الممتدة بين ديسمبر 2017 و مارس 2018, بينما انخفضت قيمته مقارنة  بالأورو بنسبة 3,04 % خلال نفس الفترة.

و على عكس ذلك, انخفضت قيمة الدينار مقابل الدولار بنسبة 3,09 %  خلال الفترة  الممتدة بين مارس و جويلية 2018, بينما ارتفعت قيمته مقابل الأورو بنسبة 1,02  %.

و أشار المسؤولون الى ان هذه التطورات تعبر عن "تعديلات محدودة لأسعار صرف  الدينار مقارنة بهاتين العملتين ذات صلة بتطورات اسعارها على مستوى الاسواق  الدولية في ظل تحسن نسبي للمقومات".

كما اوضح المسؤولون ان ذلك من شأنه ان "يساهم في اجتناب انحرافات كبيرة لمعدل  الصرف الفعلي الحقيقي عن مستوى توازنه و التي تؤثر سلبيا على الاستقرار  الاقتصادي الكلي على المدى المتوسط".

و من جهة اخرى, قال المسؤولون "بما ان عمليات ضبط اسعار صرف الدينار هذه  محدودة فهذا سيسمح باجتناب احداث ضغوط تضخمية محتملة لا سيما في ظل وفرة نسبية  للسيولة المالية الناجمة عن اللجوء الى التمويل النقدي من اجل تغطية حاجيات  تمويل الخزينة و الديون العامة".

و في هذا الاطار, اشار المسؤولون الى انه امام الزيادة في السيولة البنكية  بمعدل يقارب 57 % التي تم تسجيلها في السداسي الاول من سنة 2018 المرتبطة  بتنفيذ التمويل غير التقليدي ابتداء من الثلاثي الرابع لسنة 2017, خصص بنك  الجزائر ادواته لتسيير السياسات النقدية التي تتمثل في عمليات "تعقيم" و  "تجميع" فائض السيولة المالية.

و كانت تهدف هذه السياسة الى احتواء نوبات التضخم المحتملة مع تحديد معدل  التضخم بنسبة  4,6 % في جوان 2018.

من نفس القسم - صحة وعلوم -