لولا مساعدة الأسطول الجزائري لما وجدت أمة إسمها فرنسا

الجزائر-سارة.ب

أصبحت فرنسا بقيادة "المراهق" ماكرون كما يحلو للكثير مناداته مؤخرا، أصبحت محل سخرية في الساحة السياسية الدولية بسبب سقطاته الدبلوماسية وحتى السياسية في الداخل الفرنسي.

وعلى إثر تصريحاته المسيئة تجاه الجزائر، أين تساءل ماكرون عن وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، رد الكاتب الأردني الشهير حازم عياد بطريقة ساخرة على ماكرون، من خلال مقال نشره على موقع "السبيل"، أين أكد أن الحقيقة التاريخية هي أن فرنسا ظهرت بعد مساعدة من الأسطول الجزائري في العهد العثماني للفرنسيين في صد هجوم الإمبراطورية المجرية.

وجاء في مقال الكاتب الأردني الذي عنونه بـ "الأمة الجزائرية وقبائل الغال المتناحرة": "لم تولد الأمة الفرنسية من رحم جان دارك القديسة في الكنيسة الرومانية، ولا من رحم ماري أنطونيت المجرية الاصل”فجذورها تضرب عميقا في التاريخ لتعود بها إلى قبائل الغال التي عرفت بالقسوة والهمجية المفرطة، متنقلة على كامل مساحة اوروبا الغربية؛ فيما عرف حينها ببلاد الغال”.

وفيما يلي نص المقال كاملا:

لم تولد الأمة الفرنسية من رحم جان دارك القديسة في الكنيسة الرومانية، ولا من رحم ماري أنطونيت المجرية الاصل؛ فجذورها تضرب عميقا في التاريخ لتعود بها إلى قبائل الغال التي عرفت بالقسوة والهمجية المفرطة، متنقلة على كامل مساحة اوروبا الغربية؛ فيما عرف حينها ببلاد الغال.

 قبائل اجتاحت روما وأحرقتها؛ لم يكونوا مختلفين عن التتار والمغول الذين أحرقوا بغداد ومكتباتها.

قبائل ظلت تائهة ومتصارعة، فلم تنجح محاولات شارل مارتال وخلفائه في توحيدها تحت سقف الامبراطورية الرومانية المقدسة، فتحولت إلى ممالك متنازعة بين الساحل النورماندي ذي الصبغة الانجلو سكسونية وساحل المتوسط وجبال الالب (بلاد الغال) المعروفة اليوم باسم فرنسا، لم تكن اللغة الفرنسية متخلقة بعد، إذ ساد عدد من اللهجات المتصارعة كحال الممالك المتنافسة ذاتها.

لم تتبلور الهوية الفرنسية بفعل الحروب الصليبية أو بفعل الحروب بين لويس السابع وملك إنجلترا، فكلاهما من أعراق السلت والكلت المتصارعة على إرث شارل مارتال، وحلم إحياء الامبراطورية الرومانية المقدسة ولغتها اللاتينية الرسمية المفضلة للطبقات الحاكمة.

الهوية الفرنسية ما كان لها أن تظهر دون دعم الاسطول الجزائري بقيادة خير الدين برباروس، والأسطول العثماني الذي قدم المساعدة للملك فرنسيس الاول في مواجهة الامبراطورية المجرية لآل هابسبورغ وأنسبائهم في اسبانيا، فلولا تدخل الأمة الجزائرية والتركية لما كان هناك امة فرنسية، وإنما أقاليم تتقاسمها المجر واسبانيا وبريطانيا؛ ولكان ميناء مرسيليا إسبانياً، وباريس قرية في ألمانيا وليل مدينة في بلجيكا وساحل النورماندي إقليم في المملكة المتحدة، فهل كان هناك أمة فرنسية قبل أن يتدخل برباروس لحماية ميناء مرسيليا على المتوسط، وقبل أن يوقف الأتراك الغزو الاسباني والمجري النمساوي لبلاد الغال بزحف سليمان القانوني على فينا.

هكذا يجب أن يُكتب التاريخ؛ ولعل هذا سبب كاف دفع الخارجية الجزائرية لسحب سفيرها من العاصمة الفرنسية باريس التي أرهقتها الحرائق واحتجاجات السترات الصفراء، فرفض الجزائر، ومن قبلها المملكة المغربية، قرار الحكومة الفرنسية بترحيل تسعة آلاف مهاجر لا يحملون أوراقاً ثبوتية إلى أراضيهما؛ أثار غضب الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، ودفعه للقول وبلغة المستعمر المتعالية: "هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ هذا هو السؤال".

حالة الغضب أفقدت ماكرون صوابه، فهاجم تركيا مدعياً أنها استعمرت الجزائر قبل فرنسا، علما بأن الاحتلال الفرنسي للجزائر ما كان له أن يكون في العام 1830 لولا خسارة الجزائر لأسطولها الحربي في معركة نافارين بالقرب من اليونان العام 1827، غزو جاء بعد عجز باريس عن سداد ديونها للأمة الجزائرية في حينها.

تساؤل ماكرون عن حقيقة الأمة الجزائرية؛ جاء أثناء لقائه مواطنين فرنسيين من أصول جزائرية، للتعليق على قراره بخفض عدد تأشيرات الدخول للمواطنين من المغرب والجزائر، فماكرون لم يعجبه الرد الجزائري، ويريد إعادة كتابة التاريخ باللغة الأمازيغية والعربية، متناسيا اللغة التي كتبت فيها بريطانيا واستراليا وأمريكا بنود اتفاق اكيوس وصفقة السلاح قبل أيام، وهي اللغة الانجليزية وأحرفها اللاتينية التي سادت في القرون الوسطى في أجزاء واسعة من فرنسا.

ختاماً.. لغة ماكرون المتعالية تغذي الدعوات والأصوات التي باتت تتعالى عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمأسسة المقاطعة للبضائع والثقافة الفرنسية، فماكرون - ومن ورائه اليمين - يقود فرنسا لمزيد من العزلة تشبه تلك لتي عاشتها في عصور الظلام، حيث كان قبائل الغال تتنقل بين الغابات، وتعتاش على ضفاف الأنهر بدون هوية أو لغة معروفة.

من نفس القسم أخبـار الوطن