
صحيفة ألمانية: الحرب المستعرة في الصحراء الغربية منذ نوفمبر 2020 أنهكت الإحتلال المغربي
أكدت صحيفة “يونكا فيلت” الألمانية، أن الحرب المستعمرة في الصحراء الغربية بعد الخرق المغربي لاتفاق وقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020 والعودة إلى مربع الصفر، تنهك الاحتلال المغربي.
وفي مقال للصحفي المتخصص في قضية الصحراء الغربية "يورغ تيدشن" أرجع ذلك الى ثلاث فضائح عصفت بالمغرب وسياسته .
ويقف الكاتب يورغ تيدشن عند وقع الزلزال الذي عاشه المغرب في العام المنقضي، ويشير الى انه بينما تهرع قوات الأمن، في العادة، فورا الى مكان الحادث عندما يتعلق الأمر بإخماد الاحتجاجات، فقد تخلت الدولة عن الأهالي المتضررين إلى حد كبير. وكان ملك البلاد في فرنسا حينها، وقد مضى أكثر من يوم قبل أن يعود ويخاطب شعبه. وبقي قرار قبول مساعدة محدودة من الخارج مُبهما. فعلى الرغم من أن فرق الإنقاذ من الجزائر وفرنسا وألمانيا كانت على أهبة الاستعداد للمساعدة في عمليات الإنقاذ، إلا أنه لم يُسمح إلا لفرق من إسبانيا وبريطانيا والإمارات وقطر بدخول البلاد بعد تأجيل طويل. لذلك تُرك المتضررون إلى حد كبير لحال سبيلهم.
فضيحة بروكسل
في بداية العام المنقضي، كان المغرب محظوظاً قليلا لأنه لم يخطف الأضواء أولا عندما انفجرت فضيحة الاتحاد الأوروبي. فقد خرجت قضية الرشاوى واستغلال النفوذ على مستوى البرلمان الأوروبي الى العلن مع نهاية العام 2022، عندما اعتقل المحققون البلجيكيون مجموعة كاملة من البرلمانيين والسياسيين في الاتحاد الأوروبي ومعاونيهم بحقائب معبأة بالأوراق النقدية في مداهمة كبرى.
وتضيف الصحيفة، أنه في الواقع كانت الفضيحة تتعلق ب”المغرب-غيت” أكثر منها بقطر-غيت. فبحسب صحيفة لوسوار، بدأت الشرطة البلجيكية تحقيقاتها نهاية العام 2021 بعد تلقيها لمعلومات “من جهاز استخبارات أجنبي” مفادها أن المغرب يوظف “أشخاصا مقربين من البرلمان الأوروبي” من أجل “التلاعب بأعضاء لجان البرلمان الأوروبي” بما يخدم مصالح المغرب. وكانت اللجنة المعنية بقضية “بيغاسوس” إحدى تلك اللجان. فقد كشفت منظمة “سيتيزن لاب” الكندية في العام 2016 أن المغرب كان إحدى الدول التي استخدمت برنامج التجسس الإسرائيلي. ومع ذلك، لم تكن الرباط تتجسس فقط على المعارضين في بلدها، ولكن أيضًا على سياسيين أجانب من أمثال رئيس الوزراء الإسباني بيذرو سانشيز. وبعد تلقي التقرير النهائي للجنة التحقيق، أصدر البرلمان الأوروبي قرارا وبخ فيه المغرب بسبب قضية “بيغاسوس” الصيف الفارط.
وليس من المستبعد أن تكون السلوكات الطائشة للرباط السبب وراء تساهل الاتحاد الأوروبي بقبول انتهاء سريان العمل باتفاق الصيد البحري مع المغرب خلال الصيف المنصرم. فقد سبق لمحكمة العدل الأوروبية ان خلصت الى أن الاتفاق يعد لاغيا وغير قانوني بسبب استغلال مناطق الصيد الواقعة في الصحراء الغربية تحت غطاء الاتفاق المذكور. ومن المتوقع إذا ما ثبتت المحكمة الحكم الحالي، فمن المرجح أن تصبح أحلام “الهيدروجين الأخضر” الذي منشأه أراضي الصحراء الغربية المحتلة في مهب الريح.
الرسالة المفقودة
لم يكن المغرب متورطا فقط في فضيحتي “المغرب-غيت” و”بيغاسوس”، بل كانت هناك فضيحة أخرى تمثلت في “فريق خورخي” وهو عبارة عن وكالة تضليل إسرائيلية متخصصة في التأثير على الجمهور عبر نشر الأخبار المزيفة حول العالم. وقد تمت إقالة مقدم برامج تلفزيونية في قناة BFM التلفزيونية الفرنسية، رشيد مباركي، والذي كان متورطا في حملة “فريق خورخي” لصالح تطبيع الاحتلال المغربي للصحراء الغربية.
وفي ربيع العام 2022، انحاز رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز فجأة إلى جانب المغرب بشأن قضية الصحراء الغربية. ولا تزال خلفية هذا الانحراف الذي تم ب 180 درجة غير واضحة حتى اليوم. ولم يكن سانشيز من بادر بالإعلان عن موقفه المفاجئ في ذلك الوقت، بل أعلنه الجانب المغربي، الذي نشر مقتطفات من رسالة يُزعم أن رئيس الوزراء كتبها إلى ملك المغرب. ويصف فيه المقترح المغربي لـ “الحكم الذاتي” للصحراء الغربية بأنه “الحل الأفضل” للصراع على المستعمرة الإسبانية السابقة. ومع ذلك، فإن أصل هذه الرسالة لم يظهر بعد. وتستمر الشائعات بأن المغرب كانت له أوراق ضغط لإحداث هذا التحول، وهو ما أكده سانشيز خلال زيارته للرباط.
وخلال الصيف الماضي، ادعى سانشيز، الذي قدم موعد الانتخابات العامة في إسبانيا بعد الهزيمة على المستوى الاقليمي، أنه لم يكن هناك تغيير في الموقف بشأن الصحراء الغربية. ومن المؤكد، انه لم يطرأ أي تغيير على قضية مهمة: فقد أراد المغرب ممارسة الضغط على إسبانيا بشأن مسألة المجال الجوي الخاص بالصحراء الغربية، والذي لا تزال إسبانيا تراقبه حتى اليوم، وهو ما حكمت به المحكمة الدولية المسؤولة عن الملاحة الجوية على أساس القانون الدولي. وبناء على ذلك، فإن إسبانيا لم تنهِ بشكل قانوني وجودها الاستعماري بالصحراء الغربية. وكان هذا يتطلب تصفية الاستعمار في الإقليم وفقًا لقواعد الأمم المتحدة. وبالتالي، لا يمكن لإسبانيا أن تقوم ببساطة بتسليم السيطرة على المجال الجوي إلى الرباط. لان المغرب لا يعدو كونه مجرد قوة احتلال غير شرعية.
القرار المنبوذ
ويرى الكاتب الألماني انه بعد ضغوط مغربية، اعترفت إسرائيل رسميا خلال الصيف بالسيادة المغربية المزعومة على أراضي الصحراء الغربية. ومع ذلك، فإن تطبيع العلاقات المغربية الإسرائيلية كجزء مما يسمى باتفاقات أبراهام التي قادها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وضع الرباط في مواجهة مع الشعب المغربي. ويرأس ملك المغرب لجنة القدس، وهي إحدى المؤسسات المسؤولة عن حماية الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس. ومع ذلك، فهو لم يفعل شيئًا وبقى عاجزا أمام الإذلال المتكرر والمتزايد للمسلمين في “المدينة المقدسة” منذ أن تولت الحكومة اليمينية المتطرفة السلطة في إسرائيل. كما تم حظر ومنع التظاهرات المتضامنة مع فلسطين – حتى بعد أحداث 7 من أكتوبر. وهو ما يضع الملك المغربي في موقف لا يُحسد عليه.
المصدر: واص