الأرندي: قرار رفع التحفظ عن المادة 15 من “سيداو” هو خطوة دستورية منسجمة مع الفهم السليم لمقاصد الإسلام

أكد التجمع الوطني الديمقراطي "الأرندي" أن رفع التحفظ عن المادة 15 فقرة 4 من اتفاقية "سيداو" هو خطوة سيادية، دستورية، منسجمة مع الفهم السليم لمقاصد الإسلام.

كما اكد الأرندي في بيان له اليوم، أن رفع التحفظ عن هذه المادة يعزز مكانة الجزائر الدولية وتكرّس حقوق مواطنيها، دون تمييز (على أساس الجنس)، مع ضمان استقرار الأسرة الجزائرية، وصون سيادة الدولة ومكانتها بين الأمم، وأن خطابات تهييج و تقسيم الرأي العام ضدّ هكذا خطوة، ليست إلّا محاولة يائسة لعرقلة تقدّم الجزائر في مسار الإصلاح.

وفي تعليقه على ما أثير حول المرسوم الرئاسي رقم 25-218 المؤرخ في 04 أوت 2025، والمتعلق برفع تحفظ الجزائر عن المادة 15 فقرة 4 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”.

قدم الأرندي التوضيحات التالية:

أولًا: القرار في بعده السيادي والدستوري:
• إنّ الجزائر دولة ذات سيادة، ورئيس الجمهورية يمارس صلاحياته كاملة في مجال السياسة الخارجية وفق ما ينص عليه الدستور (المادة 91).
و فيما يخص التحجج بأن رفع التحفظ يقتضي أن يمر عبر نفس الأشكال القانونية، أي موافقة البرلمان ثم إصدار أمر أو إصدار الأمر ثم عرضه على البرلمان، فلرئيس الجمهورية الحق في التشريع بأوامر رئاسية بين الدورتين طبقا للدستور.
• الدستور الجزائري (2020) أكد في مادته 34 على أن: “المواطنون متساوون أمام القانون دون أي تمييز”، كما نصت المادة 31 على سعي الدولة لضمان المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات.
• رفع التحفظ بمرسوم رئاسي يندرج إذن في إطار الانسجام مع الدستور ومبادئه، وممارسة كاملة للسيادة الجزائرية في تكييف التزاماتها الدولية بما يخدم مصالحها الوطنية.
ثانيًا: الانسجام مع المرجعية الإسلامية:
• الشريعة الإسلامية كرّمت المرأة وأعطتها حقوقها منذ قرون:
▪️ حق السكن: «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُم» [الطلاق: 6]
▪️ حق التنقل: مشاركتها في الهجرة مع الصحابة.
▪️ حق التملك والتصرف: «لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ» [النساء: 32].
• هذه النصوص تثبت أن حرية التنقل والسكن ليست فكرة دخيلة، بل من صميم مقاصد الإسلام القائمة على العدل والكرامة.
• القرار لا يلغي خصوصية الأسرة ولا يمسّ قانونها، بل يفتح مجالًا لتكييف تشريعي منسجم مع روح الشريعة ومقاصدها.
ثالثًا: الأثر الاجتماعي الواقعي:
• المرأة الجزائرية أثبتت تاريخيًا أنها شريك أساسي في الكفاح الوطني (المجاهدات والمسبلات) وفي التنمية المعاصرة (تشكل أكثر من 60% من طلبة الجامعات و40% من سلك القضاء – إحصائيات الديوان الوطني للإحصائيات).
• عمليًا، حرية المرأة في التنقل والسكن موجودة على أرض الواقع: آلاف الجزائريات يدرسن ويعملن ويهاجرن للعلاج والدراسة دون عوائق قانونية. القرار جاء فقط ليكرّس هذا الواقع في إطار قانوني.
• التخوف من “تفكيك الأسرة” غير مبرر، لأن الأسرة الجزائرية قائمة على قانون الأسرة والأعراف الراسخة، والقرار لا يلغي ذلك بل يضعه في توازن مع الالتزامات الدولية.
رابعًا:البعد الدولي والديبلوماسي
• المادة 28 من اتفاقية سيداو تنص على أن التحفظات المنافية لموضوع الاتفاقية لا يجوز الإبقاء عليها، وبالتالي فإن قرار الجزائر برفع التحفظ يعزز احترامها للقانون الدولي.
• الجزائر تاريخيًا معروفة بدفاعها عن حقوق الشعوب والإنسان في الأمم المتحدة، وهذا القرار يعزز صورتها كدولة مسؤولة تحترم التزاماتها الدولية دون تفريط في ثوابتها.
• التجارب الدولية تثبت أن الخصوصية لا تعيق الالتزامات الدولية: فدول مسلمة عديدة و منها من كانت مهدا لظهور الإسلام انضمت إلى “سيداو” مع بعض التحفظات، وطورت قوانينها تدريجيًا بما يحافظ على ثوابتها.

خامسًا:

• الجزائر لا تخضع لإملاءات خارجية ولا تنغلق على نفسها، بل تختار بإرادتها الحرة ما يخدم سيادتها ومصالحها العليا.

• لا يوجد تعارض بين حماية الهوية الوطنية والدينية وبين احترام المعايير الدولية، بل هناك تكامل وتوازن: المرجعية الإسلامية تمنح المرأة حقوقها، الدستور يكفلها، والاتفاقيات الدولية تعززها.

• القرار يثبت أن الجزائر دولة أصيلة وحديثة في آن واحد، تحافظ على الأسرة كركيزة أساسية، وفي الوقت ذاته تنفتح على العالم بقوانين عادلة ومتوازنة.

من نفس القسم - سيـاســة وأراء -