الغيوم في الجزائر والأمطار في باريس!

الجزائر/نادية.ب يحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قطف ثمار مساعي الصلح وجلسات الحوار التي قادتها الجزائر في السنوات الأخيرة في كل من مالي وليبيا بغرض لم شمل الفرقاء والحفاظ على الاستقرار في المنطقة، والمتتبع لخرجات نزيل الإليزي يلمس تغير الخطاب الفرنسي وحتى المواقف . بمجرد تسلمه مقاليد الحكم، عمد ماكرون على برمجة زيارة إلى مالي، تحدث هناك بلغة الرجل الواثق من نفسه، عندما قال خلال تفقده للقاعدة العسكرية الفرنسية بمدينة غاو شمال مالي، "التزام فرنسا بالوقوف إلى جانب مالي سيكون كاملا من أجل الأمن في مالي وفي الساحل (الإفريقي) أيضا، من خلال مواصلة التزام قواتنا، وعبر مواصلة التزامنا بخارطة طريق دبلوماسية وسياسية". وغير بعيد عن مالي، انتقل  الرئيس الفرنسي لفتح ملف شائك هو الأزمة الليبية التي عجزت كل مساعي المصالحة في إحتواء وضعها وإرجاع السكة إلى مسارها،  ففي تطور لافت فاجأ المراقبين وحمل علامات الاستفهام ونقاط الظل ، جمع  ماكرون، مؤخرا رئيس المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا، فايز السراج، بالجنرال المتقاعد، خليفة حفتر، وهو اللقاء الذي أفضى إلى الإعلان عن وقف لإطلاق النار بين فرقاء الأزمة، وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب الآجال. وعبرت الرئاسة الفرنسية عن ارتياحها لجمع الفرقاء الليبيين على أرضها، ودفعهم إلى التوقيع على اتفاق لوقف الأعمال العدائية، الذي فشلت في تحقيقه كل الدول العربية المهتمة بالأزمة الليبية، مثل مصر والإمارات العربية والجزائر وتونس والسودان. وتطرح  هذه الخرجات الدبلوماسية للرئيس الفرنسي، على المستوى الدولي الكثير من الشكوك والتوجسات،  إذ ومنذ قدومه  عمدت باريس  على تكريس سياسة خارجية جديدة ترتكز على الحوار وترجيح كفة الحل السياسي،  في محاولة لتصحيح الأخطاء التي إرتكبها رؤساء  فرنسا السابقين ويتعلق الأمر بكل من نيكولا ساركوزي الذي كان "عراب" الحرب في ليبيا وحتى مالي ، كما يتحمل فرانسو هولند جزء من المسؤولية كونه ساهم في التشويش على المساعي الدبلوماسية لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية. ويتزايد القلق لدى الجزائر عقب الاشتباكات المندلعة في مالي وليبيا، خاصة وأنها تتحمل في كل مرة أعباء التهديدات المحتملة وتوفير التغطية الأمنية الدائمة على طول الشريط الحدودي، ماجعلها توجه إنتقادات لبعض الدول على رأسها فرنسا تتهمها بالتشويش على جهودها  لعودة السلم والإستقرار في المنطقة ..لكن التساؤل المطروح هذه المرة، هل الجزائر ستؤيد مساعي باريس لجمع الفرقاء وتترك مساعيها تذهب سدى أم أنها ستتحرك في الوقت المناسب؟ الأيام كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل.  

من نفس القسم - صحة وعلوم -