عطاف يلقي خطابا تاريخيا باسم الجزائر في مجلس الأمن الأممي

ألقى وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف، اليوم الثلاثاء بنيويورك، خطابا قويا خلال جلسة استثنائية لمجلس الأمن الدولي خُصصت لبحث الحالة في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، حذّر فيه من المخاطر المتصاعدة التي تهدد المنطقة والعالم بفعل سياسات الاحتلال الإسرائيلي.

 الوزير استهل كلمته بتوجيه الشكر إلى رئيس المجلس والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قبل أن يصف الوضع الراهن في المنطقة بأنه “رديف للخراب والدمار والاضطهاد والإجرام في أقسى صوره وتجلياته كيف لا وهي المنطقة التي ذاقت من هذه الأهوال كلها ما لم يذقه غيرها طيلة عقود متعاقبة من الأزمنة والدهور.

 حرب إبادة في غزة واعتداءات بلا حدود

وقال عطاف انه "دون أي مبالغة أو مزايدة ودون أي نعت أو توصيف تتحدث الأوضاع بنفسها عن نفسها سواء تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية تحديدا أو بالمشهد الإقليمي شرق المتوسطي عموما"

 أكّد الوزير عطاف أنه على الصعيد الفلسطيني لم يعد هناك أي مجال للإنكار بأن ما تتعرض له غزة منذ ما يقرب العامين هي حرب إبادة كاملة ومكتملة الأركان بعد أن أكدت ذلك لجنة التحقيق الأممية التي اثبتت هذه الحقيقة، كما حذّر من خطط التهجير وإعادة الاحتلال والضم التي ينفذها الكيان الإسرائيلي بشكل علني.

وقال: "لم يعد هناك أي مجال للجدال حول خطر المجاعة في غزة بعد أن قامت منظمتنا هذه بتأكيد هذه الحالة والإعلان عنها بصفة رسمية ولم يعد هناك أي مجال للتأويل حول مخططات التهجير وإعادة احتلال وضم غزة والضفة الغربية بعد أن شرع الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ هذه المخططات وتفعيلها جهرا وعلنا".

أما على صعيد المنطقة عامة -يضيف عطالف- "فمجال الاعتداءات الإسرائيلية مفتوح على مصراعيه عدوان إسرائيلي على اليمن ولبنان وسوريا، وإيران، ومنذ أيام قلائل على دولة قطر ولا يخفى على أحد منا أن هذه القائمة مؤهلة للامتداد والاتساع في أعقاب التهديدات التي طالت ولا تزال تطال دولا أخرى في المنطقة".

واكد ان الواقع المجحف والمأساوي الذي يسعى الاحتلال الإسرائيلي لتكريسه وهو يسارع الزمن بفتح جبهات العدوان الجبهة تلو الجبهة، وقال "إن مجلسنا هذا لم يعد بحاجة لفك الألغاز بعد أن صار الاحتلال الإسرائيلي ذاته يجاهر بمآربه على رؤوس الأشهاد".

 تكريس الهيمنة وتصفية القضية الفلسطينية

 وشدد الوزير على أن إسرائيل تسعى إلى القضاء على أي أفق لقيام الدولة الفلسطينية، ليس فقط على الأرض بل حتى في “العقول والأذهان إن استطاع إلى ذلك سبيلا”.

كما أكد أنها تعمل على فرض هيمنتها المطلقة على المنطقة، دون اعتبار للقانون الدولي أو ميثاق الأمم المتحدةـ عبر إعادة رسم الحدود في المنطقة على مقاس مخياله ووفق أهوائه وأوهامه، مستندا في ذلك إلى أخطر خرافة من خرافاته الزائفة ألا وهي خرافة "إسرائيل الكبرى".

واكد عطاف ان الاحتلال الإسرائيلي يصبو إلى تكريس هيمنته المطلقة على المنطقة وتنصيب نفسه الآمر والناهي فيها يعتدي على من شاء وقت ما شاء وكيفما شاء لا القانون الدولي يهمه ولا الميثاق الأممي يكترث له ولا حتى أبسط القواعد والأعراف التي تمت بصلة للتعايش المتمدن والمتحضر.

 وتساءل في لهجة حادة: كيف يمكن للاحتلال الإسرائيلي أن يروّج لنفسه كـ”قلعة للديمقراطية”، بينما هو أكبر تهديد للحق والقانون وأخطر عنصر على السلم والأمن الدوليين؟

وأضاف "الاحتلال الإسرائيلي يجرؤ على الترويج لأباطيله المغرضة بأن الفلسطينيين يريدون إقصاءه وهو ينكر حقهم في الوجود وحقهم في الحياة وحقهم في بناء دولتهم المستقلة والسيدة".

وواصل يقول "الاحتلال الإسرائيلي يتجرأ على التسويق لدعاياته الزائفة بأنه وحيد محاط بأعداء يرومون تدميره وهو الذي لم يسلم من تجبره وتسلطه وغطرسته أي دولة من دول المنطقة".

وزاد: "الاحتلال الإسرائيلي يقدم على وصف ذاته بقلعة الديمقراطية وسيادة القانون في المنطقة وهو الذي أثبت للعالم أجمع أنه أكبر خطر على الحق والقانون وأشد خطر على أمن واستقرار المنطقة وأعظم خطر على السلم والأمن الدوليين".

إعادة طرح مسألة السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط

قال عطاف إن المآسي والأهوال التي تتكبدها منطقة الشرق الأوسط اليوم تفرض علينا إعادة طرح مسألة السلم والأمن فيها على أصولها الحقة ومن منظور شامل لا يقبل التجزئة أو التقسيم فمسألة الأمن في الشرق الأوسط ليست وليدة أحداث السابع من أكتوبر 2023 حتى يتم ربطها بهذا التاريخ واختزالها فيه إجحافا وتجاوزا وتحيزا.

وأوضح أن "تاريخ المنطقة ممتد عبر تاريخ منظمتنا هذه وهو يؤكد أن القضية الفلسطينية تظل القضية المركزية التي لا يمكن طمسها ولا يمكن تحييدها ولا يمكن تغييبها واليوم نرى بأم أعيننا كيف أن محاولات الإجهاز على هذه القضية لم تزدها إلا شرعية ومشروعية كأعدل قضية على وجه المعمورة".

 لا بديل عن حل الدولتين

وشدد وزير الخارجية على أن "تاريخ المنطقة محفور في قرارات مجلسنا هذا وهو يؤكد أنه لا بديل لحل الدولتين ولا مفر من قيام الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف كحل عادل ودائم ونهائي للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني".

 الوزير ذكّر بأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للشرق الأوسط، وأنها لا يمكن طمسها أو تغييبها، مضيفاً: “محاولات الإجهاز على هذه القضية لم تزِدها إلا شرعية ومشروعية”.

 كما أكد أن الحل العادل والدائم يظل في قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، مرحباً بالاعترافات الدولية المتزايدة بفلسطين وداعياً إلى منحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وأضاف "اليوم نرى بأم أعيننا كيف أن مخططات القضاء على هذه الدولة لم تزدها إلا مددا وزخما في الاعترافات الدبلوماسية بها وهي الاعترافات التي ترحب بها الجزائر وتدعو إلى تعزيزها بتمكين الدولة الفلسطينية من العضوية الكاملة بمنظمتنا هذه".

 دعوة لمساءلة الاحتلال

 وختم وزير الدولة كلمته بالدعوة إلى إنهاء “النظام الاستثنائي الجائر” الذي يتمتع به الاحتلال الإسرائيلي عبر إفلاته من المساءلة والعقاب، مؤكداً أن أمن المنطقة واستقرارها لن يتحقق إلا بتحمل مجلس الأمن لمسؤولياته، وفرض احترام قراراته وقرارات الشرعية الدولية.

وقال في هذا الصدد: "تاريخ المنطقة متجذر في الشرعية الدولية وهو يؤكد كذلك أنه لا مناص من وضع حد نهائي للنظام الاستثنائي الجائر الذي يحظى به الاحتلال الإسرائيلي من اللامساءلة واللامحاسبة واللامعاقبة".

وواصل يقول "اليوم نرى بأم أعيننا أيضا كيف تيقنت أغلبية الدول الأعضاء بحتمية الردع والعقاب لمن يحسب نفسه وحيدا فوق كل النظم والثوابت والضوابط والقوانين التي يتقيد بها غيره".

وشدد عطاف على ان تاريخ المنطقة يؤكد أن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط لن يتحقق دون تحمل مجلس الأمن هذا للمسؤوليات الملقاة على عاتقه.

وختم بالتأكيد على أن "مصير القضية الفلسطينية ومصير الشعب الفلسطيني ومصير كافة دول وشعوب المنطقة كل هذه المصائر تبقى رهينة إرادة هذا المجلس وقدرته على فرض احترام قراراته وفرض احترام الشرعية الدولية وردع كل الإخلالات والخروقات والانتهاكات التي تتعرض لها راهنا دون حسيب أو رقيب أو عتيد".

من نفس القسم تعـاون دولـي